الاقتراض حيلة المضطر ، والحاجة أم الاقتراض كما هي أم الاختراع ، والبنوك والصناديق الحكومية ما أقامتها الدولة إلا لتنمية حياة المواطن إن كان في مسكن يستره وأولاده بدلا من لهيب الإيجارات التي تلتهم نسبة كبيرة من الدخل مهما حاول مد رجليه على قدر غطاه .. أو مشروع صغير يعيش منه وهو ينوي خيرا ويأمل أن يتوسع ويفيد نفسه ويفتح بيوت ويسهم في الاقتصاد المحلي ، و80% من المشاريع هي من هذا النوع . والاقتراض قد يكون للزواج وما أكثر شبابنا الواقفين على أبواب الزواج ويريدون أن يدخلوه ولو كان في عش عصفور كأحلام زمن الرومانسية وأيام الرحمة بالشباب عندما كانت الأسرة يهمها الأخلاق قبل المال كما قال نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم :"إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه" ولولي الفتاة في قوله تعالى :"إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم" .الزبدة أن الاقتراض أصبح مشكلة بل يواجه مشاكل بأوجه عدة ، وأقصد هنا بنك التسليف والادخار ، لأن قائمته طويلة وإجراءاته أطول وأعقد ، ولا أدري لماذا ؟ رغم زيادة رأسمال البنك والمكرمة الملكية ، بإيداع عشرة مليارات ريال في حساب بنك التسليف ، للقروض الاجتماعية وتشمل حالات الزواج وترميم المنازل وقروض الأسرة حسب ما أعلنه معالي وزير المالية .. فماذا حدث؟. الحال هو نفسه تقريبا ، بل فيه ما هو أغرب من الخيال ، فقائمة الانتظار طويلة لشهور وشهور ، وكما يقول المثال :"الانتظار مر ولو كان وراءه ما يسر" أما الأغرب فهو ما حدث لصديق أعرف ظروفه عن قرب وأعرف صدقه جيدا ، تصوروا أنه تقدم لبنك التسليف بطلب قرض زواج ، وأوراقه ومستنداته جاهزة حسب الشروط ، وبعد أن ألقى التحية على موظف الفرع ( وباسم الله ) مد يده اليمنى نحوه بالملف وهو يردد وداعا للعزوبية. أتدرون ماذا كان الجواب "عليك بتسليم أوراقك بعد 6 أشهر ) تصوروا 6 أشهر حتى يقبلوا منه الطلب وليس لتسليمه مبلغ القرض ، وعاد أدراج الرياح وهو يحسبها : نصف سنة ربما قابلة للتجديد لتقديم الأوراق ، والله أعلم مثلها أو ضعفها مثنى وثلاث حتى يستلم المبلغ ، ورجع إلى بيته وهو محتار : أين وكيف ولماذا يحفظ ملف القرض . هذه واقعة حقيقية وليست حكاية من الخيال لأنها أغرب منه .. أما الثانية ، فهي لزميل رأى البنك أنه ممن لا تنطبق عليهم شروط الإقراض ولا يحق له ، والسبب أنه سيتزوج من الخارج ، ولو كان مقتدرا على تكاليف الزواج من الداخل لفعل . طيب أليس هو مواطناً ، والقرض سيعينه هو أولا كمواطن على الاستقرار ، فلماذا الربط بين قروض التسليف واختيار الزوجة ، وهل هذا يشجع على الزواج من الداخل وينهي العنوسة التي لها أسباب كثيرة يستوجب على المجتمع علاجها جيدا وبوسائل أخرى لا تحرم مواطن شاب من نصيبه وقسمته في الزواج . فهل يعقل كل هذا يا بنك التسليف .. ألا من تحريك لقوائم الانتظار التي تفشل زيجات وتضيع أحلام البسطاء في كل اتجاه . ** نقطة نظام : إذا لم يكن غير الأسنة مركبا .. فما حيلة المضطر إلا ركوبها [email protected]