يا ليل دثرتك بالمزاهر واخترت خطوي بين همس الجداول، وظللت قابعا تاركا روضك يشدو طيره لغيري، فلعلك تجني التطريب وتجد من يرجع معك شدو طيرك مفتوناً بالدانة والآهة فيستحيل الحزن طربا ويتبدل الغم أنسا ونغما! لقد هجرت ربعي عندما وجدتهم ألفوا المكر وتربص الدوائر، إنه مجتمع الغاب والكواسر والجوارح، ورضيت بالعش الفقير تحفة المسرة. في صحوة للفكر والنفس ودعت يأسي، وعندما أورق زهري، وفرهدت شجيرات الحب في قلبي، وتلونت دنياي بلون وردي وقد نشر البدر فيها ضياءه، والنجم رواءه. توقف نزيف جرحي بعد أن سالت دماؤه من جنبات مشاعري التي لم تعد تسبح فيها محاجري، وعدت أقول لنفسي: ما أشقاك من نفس، فلم أتعود من هذه الوجوه إلا الشقاء والنحس الغادر! وأفقت من غيبوبة عجبي، وتداخل خطوط مشاعري وخلتك يا مهجة قلبي تعجبين أيضا لأنك صاحبة بصيرة نيرة، فقد عركت الحياة وفهمتها حق فهمها فهي لا تنقاد إلا لكادح يبلل عرقه ساعده، وعامل يرى أن عمله عبادة. فحسبي من الدنيا الكرامة والعزة في النفس والحصافة والسداد في الرأي، والصدق في القول والعمل وبعض من المآثر. ص.ب 52986 جدة 21573