يقولون.. (كل ما يعجبك والبس ما يعجب الناس) ولكن اليوم تغير هذا المفهوم تماماً جملة وتفصيلاً.. وأصبح أبناؤنا لا يعيشون في إطار وجلباب أخلاقيات المجتمع وقيمه ومبادئه وتحللوا من كل شيء في حياتنا وعاداتنا وديننا وأصبح التقليد لا أقول الأعمى بل المغفل يحكم هؤلاء الأبناء. وأصبح دور الأسرة مقصور على توفير متطلبات الأبناء! سواء كانوا بنين أم بنات هؤلاء خرجوا عن عاداتنا وتقاليدنا وأخذوا الموضة المزيفة من المجتمعات الغربية سواء عن طريق الرحلات أو عن طريق التلفاز أو المسلسلات، أصبح ملبسهم مقززا للنفس ومناظرهم مؤذية ومثيرة ومستفزة للآخرين. عندما ترجع لتاريخ هؤلاء الأبناء وأسرهم تجد أنهم ينحدرون من أصول عائلية رفيعة المستوى ومرموقة وأجدادهم ساهموا في الثقافة والتعليم وكانوا نواة صالحة لمجتمعهم وأمتهم، ترى الابن من هؤلاء اليوم يرتدي (تي شرت) قميص يحتوي على عبارات مخجلة ومثيرة في نفس الوقت ومقززة للنفس.. تسأله ما علاقته بالعبارات التي تزين (التي شيرت) الذي ترتديه هل تفهم معناها؟ وهل تتعمد شرائها على أساسه! أم أنك اشتريته على الله وبالله. دون أي معرفة بهذه العبارات الإباحية وأولاً وأخيراً فهو يلقي المسؤولية واللوم على كاهل الموضة! هل أبوك شاهد هذا القميص وما كتب عليه من عبارات مثيرة؟ وهل فكرت في هذه العبارة بأنها قبيحة وتستفز قارئها وتثير الآخرين؟ هذه العبارات لا أعلم كيف تدخل بلادنا وأسواقنا دون تمحيص أو استدلال لما تضمنه عبارات بعضها إباحي وبذيء ويسيء إلى مجتمعنا وديننا. والأغرب أنك لا تستطيع اليوم أن تميز الولد من البنت عندما تنظر إليه من الخلف فالكل منهم يرتدي هذه الأقمصة إلى جانب البنطلونات الضيقة والمحذّقة والشعر الطويل المضفر والبكلة هذا إذا ما وضع (على رقبته سلسلة وفي أذنيه حلق وفي يديه إسورة) عجيب هي الدنيا.. عجيب ما وصل إليه مجتمعنا بعد أن كان مجتمع القيم والمبادئ والتراث الأصيل.. عجيب ما وصل إليه أيضاً الشارع السعودي من تحلل وانفلات بعد أن كان الشارع السعودي والمكاوي بالذات يقيِّم كل من يمر به. كانت هناك مراكيز لكبار الشخصيات تعرف أهالي البلد والمجتمع فالإبن لا يستطيع أن يعاكس أو يكون مائعاً في سلوكه فالشارع كان يقيم السلوك ويقيم اللبس ويقيم الأخلاق. أما اليوم فهذه المناظر المؤذية فهي بلا شك تقزَّز منها البنات قبل الرجال ويستنكرها الكبار فهي لا تدل على الرجولة أو الشهامة أو الأخلاق أو الدين أو حتى الأصالة الاجتماعية. فهذا التحلل الأخلاقي الأسري من يعالجه؟ هل البيت أم المدرسة أم المجتمع ؟ أقول الكل مسؤول ومستهدف في إزالة هذا الهوس والطيش الشبابي الدخيل على مجتمعنا وأول من يُسأل عن ذلك هم الوالدين ودورهم في غرس المبادئ والقيم والدين والأخلاق في نفوس أبنائهم ومن ثم المدرسة والشارع السعودي! فالشارع له دور مهم في إزالة المنكر والميوعة والحث على الرجولة والشهامة والمروءة. فالمدرسة وحدها لا يمكن أن تنتصر على هذه المنغصات الاجتماعية دون مساعدة الوالدين فاليوم يقع على الأسرة اللوم أولاً وأصدقاء السوء ثانياً. وأتذكر أنني كنت في أحدى الأيام في سوق حراء لشراء بعض المستلزمات تجرأت يومها وسألت أحد الأبناء من أين تشتري هذه القمصان (التي شيرت) ؟ فأجابني هل أعجبك ؟ فضحكت بيني وبين نفسي ثم قلت له يا إبني هل أنت تعرف هذه العبارات المكتوبة على قميصك.. قال نعم وترجمها بكل جرأة وعدم حياء فقلت له هل تتوقع أن البنات يعجبهن هذا اللبس والعبارات الإباحية.. فضحك وقال يا عمي البنات هم الذين يغازلوننا اليوم!! وكررت له من أين اشتريتها فقال: أحضرها صديقي عندما سافر فهو يعرف ما يعجبني ولذلك اشتراها لي وهي في نظري ليست عبارات إباحية! وكرر لي القول الذي اعتدت أن أسمعه من أبنائي دائماً.. عادي عادي! فانصرفت مذهولاً مما وصل إليه حال أبنائنا اليوم من تحلل أخلاقي فاضح وهذه (التي شيرت) بعضها للأسف يحمل عبارات الشتيمة لمن يرتديها فضلاً عن من يقرأها.. حتى البنات للأسف الشديد لم يسلمن من هذه الأقمصة والأدهى والأمر أن بعض هذه القمصان تدل على عبارات هابطة ورخيصة لشخص المرأة أو الفتاة. ففي تصوري أن البنت التي ترتديها هي بنت رخيصة؟ وما عليَّ إلا أن أتوجه إلى وزارة التجارة لمنع مثل هذه القمصان الفاضحة المثيرة ذات العبارات الإباحية التي لا نرضاها لأنفسنا وأبناء مجتمعنا، كما لا يفوتني أن أوجه اللوم الكبير للأسرة التي أخذ دورها يضمحل ويتحلل في ضوء الإنفتاح وما يسمى بالموضة وما يسمى بإرضاء النفس واستجابة الأبناء. فالشارع السعودي لم يعد هو! والبيت السعودي لم يعد كما كان! وحتى تجار اليوم لم يعودون هم تجار الأمس! فالكل من هؤلاء كان له دور كبير في التقييم والمتابعة والملاحظة الشديدة وإبداء الرأي السديد. أما اليوم فنطالب المجتمع بأكمله بمؤسساته أن يعمل جاهداً لإعادة الدور الأصيل لمجتمعنا وتراثنا وتقاليدنا ومبادئنا الدينية حتى لا نخسر أبنائنا ونخسر معهم عاداتنا فهم مستقبلنا ومستقبل بلادهم وحاضرهم.