سافر السائق.. حل اليوم الموعود وسافر، ليس هناك رجل سيفهم مقالتي اليوم، حتى لو فهمها واستوعبها وحاول أن يشعر بما اشعر، فهو سيكون تعاطف غني على فقير، شبعان على جائع، قوي على ضعيف.. سيكون مجرد تعاطف. ظللت شهورا طويلة وأنا أحمل هم هذا اليوم، سيسافر السائق، شهور طويلة ونحن نتفاوض على المدة التي سيأخذها إجازة، وهل سيعود أم سيتلاعب بنا كما يحصل من بعض السائقين. والسيارة التي اشتريتها أو بالأحرى استأجرتها بعدد كبير من الآلاف، ستبقى معطلة حتى عودته، فالتفويض باسمه، ولأن السائق لابد أن يكون تحت كفالة صاحب السيارة فلن أتمكن من التمتع بسيارتي حتى عودة هذا السائق، وإذا وجدت مخرجا فأين سأجد هذا السائق الحاصل على أوراق مكتملة تسمح له بالحصول على تفويض بقيادة سيارتي، من ستعطيني سائقها سلفا لمدة شهرين أو ثلاثة حتى يعود سائقي من إجازته وأنا أعرف كم الكل بحاجة إلى سائق وكم الكل عاجز ومشلول بدون سائق. كل الأمور تبدو بخير على السطح، النساء سعيدات، السائقون يتهادون في الغدو والرواح بسيداتهم اللاتي يجلسن في المقاعد الخلفية في السيارات الفاخرة، يتباهين بالسيارات الفاخرة وينظرن من عل إلى الأخريات اللاتي يركضن للوصول إلى محطات القطار في الوقت المناسب، هذه النظرة التي يحاول الكثيرون أن يرغمونا على تقبلها، أننا الأفضل لأننا لا نجري للوصول إلى محطات القطار في الوقت الملائم، نحن نجلس متغطرسات في المقعد الخلفي بينما يتحمل السائق مشاق القيادة ومحاولة تخطي مطبات الطرق ونزوات السيارات المجاورة. لكن الصورة الأخرى، صورة المرأة المحتارة، التي تقفل على سيارتها في المستودع، وتسحب "بطارية" السيارة وتنتظر أن يقلها سائق أهلها وهي تشعر بالامتنان والحرج لأنها تطلب من نساء العائلة أن يتخلين عن السائق في أوقات حاجتها، وان يلائمن مواعيدهن مع مواعيدها وكل هذا التعب في تدبير الأمر، فقط للذهاب إلى العمل والرجوع منه، هي الطبيبة رئيسة القسم، كل هذا لا يعني شيئا، فمديرتها ، مديرة الإدارة العامة، هذا المنصب الذي حظي به القليل من الرجال، لم يشفع لها كما لم يشفع لي حصولي على درجة الدكتوراة في الطب، كل ذلك لم يشفع لنا أنا وكل الطبيبات وكل المديرات وكل العاملات وكل النساء، لم يشفع لنا أننا بشر في الحصول على حق التصرف في حياتنا في حال غياب السائق.. أيها السائق، أودعك بدموعي، فأنا وحدي أعرف مدى حاجتي إليك