سبقني الكثير من الزملاء الكتّاب في تناول مشكلة التدخين ، وهو دور مطلوب تفرضه المسؤولية الإعلامية تجاه المجتمع وما يتعرض له من أخطار التدخين حيث ضحايا أهدروا حياتهم ومصابون بأمراض مستعصية بسبب إدمان هذه الآفة المدمرة للجسد وللمال، وتؤدي الى الهلاك، او الموت البطيء كما يقولون.. ولكن يبدو ان اليوم العالمي للتدخين يأخذ دوره ليوم أو أيام معدودة ليس أكثر، وذلك في القائمة المزدحمة لمشكلات المجتمعات والعالم.. وحتى لا ننسى القضية أحاول التذكير بها بعد أن هدأت الحملة وأخشى أن تطوى أوراقها لمدة عام. اننا جزء من هذه المشكلة العالمية.. فعندما تشير الاحصاءات الدولية الى وفاة اربعة ملايين شخص سنويا بسبب التدخين، اضافة الى عشرات الملايين من المصابين بأمراضه، ويقتل منهم هذه الملايين سنويا في العالم. وبالطبع مجتمعنا يساهم بنصيب في هذه الاحصاءات التي اوضحتها منظمة الصحة العالمية التي وضعت لحملتها هذا العام شعار (رياضة بلا تبغ.. العبها نظيفة) وهو شعار يحمل الكثير من الدلالات بشأن دور الرياضة المنشود في مكافحة آفة التدخين. لنتوقف قليلا مع احصاءات وردت في تقرير الجمعية الخيرية السعودية لمكافحة التدخين بمناسبة مشاركة المملكة دول العالم في اليوم العالمي لمكافحة التدخين.. يقول التقرير: - ان ثلث المدخنين من الشباب الذين اقدموا على التدخين بدأوا في سن العاشرة من اعمارهم وهي مرحلة عمرية تدخل في نطاق (الطفولة).. اما اغلب المدخنين الكبار فبدأوا التدخين قبل ان يصلوا سن 18 عاما من عمرهم. - ان منتجات التبغ ستتسبب في موت 4.8 مليون شخص في العالم كل سنة بحلول عام 2020م. وعلى ضوء هذه التحذيرات والحقائق المؤسفة حول التعدد (السرطاني) لأخطار التدخين بازدياد اعداد المدخنين سنويا في بعض المجتمعات خاصة النامية، يمكننا القراءة في واقع حجم المشكلة لدينا ومحاولة رصد اسبابها ونتائجها السلبية وتقييم خيوط الضوء القادمة من جمعيات مكافحة التدخين ومراكز علاج المدمنين عليه وهي جهود صادقة تحتاج الى توسيع دائرتها ونشر دورها في المجتمع بالتعاون المشترك الذي يجب ان يبدأ من الأسرة باعتبارها اساس المجتمع، ان صلحت صلح المجتمع، وان تهاونت في رسالتها التربوية اصابته بالوهن في ارادته وقدرته على مواجهه الاخطار. ان مشكلة التدخين تعكس مشكلة اخرى هي انعكاس لخطط مكافحته بما تعانيه من ثغرات فالارتباط العضوي بين قضية التدخين واساليب مكافحتها يقول لنا، انه كلما قويت اساليب ووسائل التوعية باضرار التدخين ومكافحة انتشار آفة التبغ كلما كانت النتائج اكثر ايجابية في تصدي المجتمع لهذه المشكلة، والعكس صحيح ايضا عندما تستهين الأسرة والمجتمع والجهات التربوية والتعليمية، والكلام هنا للأب المدخن وللأم المدخنة بكل أسف وللمعلم واستاذ الجامعة والمدير المسؤول في اي مؤسسة او مصلحة حكومية او اهلية، عندما يراهم الابناء والطلاب والموظفون ينفثون الدخان وسمومه ولو كان ذلك خارج الفصل المدرسي او قاعة المحاضرات او مكاتب العمل.. أليس هذا سلوكاً سلبياً يغري الاجيال الجديدة بتقليد هذه النماذج السلبية بأن يمارسوا آفة التدخين التي يعتبرها البعض عادة وهي في الحقيقة ادمان يجب الوعي بخطورته. ان الحديث يطول عن اخطار التدخين على المدخنين وعلى المحيطين بهم، وهي حقائق لا تغيب عن الذين انجرفوا الى التدخين ولا عن اللاحقين وقد قال تعالى: (ولاتلقوا بأيديكم إلى التهلكة) وكما أكد ديننا الحنيف قاعدة "لا ضرر ولا ضرار".. واخيرا حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا.. نسأل الله الهداية والعافية للجميع. حكمة: خير الاصحاب من يدلك على الخير.. وترك شرب الدخان خير وخير فاجتنبوه؟