أتابع رحلة الحج في المملكة منذ اكثر من خمسة وعشرين عاماً، اما " حاجا " او بحكم عملي الصحفي في التغطية الصحفية لمناسك الحج والتواجد في المشاعر المقدسة ومكةالمكرمة خلال ايام الحج . ومن هنا استطيع ان اتصدى لمشكلة سنوية تقابل المسؤولين في المملكة وهي ظاهرة " الافتراش " التي تتزايد عاماً بعد عام وبدأت تنحصر في السنوات الأخيرة وان كانت لم تنته . ولعل اهم اسباب هذه المشكلة هم في الحقيقة " حجاج الداخل " الذين يذهبون الحج بدون الارتباط بمطوف او مؤسسة طوافة .. واغلب هؤلاء الحجيج يأتون من مكةالمكرمة نفسها وهم في الغالب يعملون في مكةالمكرمة والكثير منهم يعملون في جدة والطائف وبعض المناطق المحيطة بمكةالمكرمة . اما السبب في عدم ارتباط هؤلاء الحجاج من الداخل بمؤسسات الطوافة فهو التغالي في اسعار " حج الداخل " فأقل مؤسسة تطلب ثلاثة آلاف ريال تكاليف من الحاج واغلب هؤلاء الحجاج هم من العمالة الآسيوية او العربية وهم يرون في مبلغ الثلاث آلاف ريال المطلوبة من اجل تصريح الحج مبلغاً كبيراً . واقترح في هذا الصدد ان تقام مؤسسة واحدة كبيرة لحجاج الداخل في مقرها الرئيس جدة ويكون لها فروع في مكةالمكرمةوالرياض والدمام وهذه المؤسسة تمنح قطع اراضي معقولة في المشاعر المقدسة في منى وعرفات ومزدلفة تمكنها من استيعاب مليون حاج من الداخل وعلى هذه المؤسسة ان تنزل بقيمة مصاريف الحاج الواحد من ثلاثة آلاف ريال للفرد الى الف وخمسمائة ريال للفرد الواحد بحيث يستطيع الحاج المقيم ان يدفع هذه التكلفة عن نفسه وعن زوجته اذا كانت ستؤدي الحج معه وعلى هذه المؤسسة ان توفر وسائل النقل المناسبة لنقل الحجيج من جدة الى مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة وايضا تقلهم من الرياض والدمام الى مكةالمكرمة . تستطيع هذه المؤسسة الواحدة الكبيرة ان تؤمن اسطولاً من الحافلات بأسعار معقولة وخاصة وان مواسم الحج القادمة ولسنوات قادمة ستكون في فترة الشتاء اذ يمكن ان تكون الحافلات غير مكيفة صالحة للاستخدام في ايام الحج اذا امكن توفير ذلك وتوفير اسلوب تعاوني للاعاشة استطيع القول ان الكثير من المفترشين سوف يتجهون الى التعامل مع هذه المؤسسة ولن يعرضوا انفسهم للعقوبات كل هذا لا يمنع التشديد في المنافذ الى مكةالمكرمة قبل ايام الحج للتأكد على ضرورة الانضمام لمؤسسة الطوافة لحجاج الداخل . ان ظاهرة الافتراش لا يمكن القضاء عليها بصورة نهائية وفي فترة وجيزة ولكن يمكن محاصرتها والقضاء عليها بالتدريج نظراً لما تسببه هذه المشكلة من إعاقة حركة السير لسيارات الخدمات وبالذات الاسعاف والدفاع المدني في المشاعر المقدسة مطلوب تضافر كل الجهود مع اجهزة الدولة لأن هذا السلوك الذي يقوم به بعض الحجيج لا يتناسب مع قدسية الزمان والمكان . كما ان هذه المؤسسة الكبيرة المقترحة لحجاج الداخل تستطيع ان تصنف حجاج الداخل حسب جنسياتهم وتخص اماكن محددة لكل جنسية حتى يتوفر للحجيج هذا التلاقي الذي يبحثون عنه خلال فترة الحج فقد يبحث الحاج عن ابناء جلدته وجنسيته ويأنس بهم . اجمالي القول ان السعر المعقول لمؤسسات حجاج الداخل هو الذي سيجلب المزيد من الحجاج اليها وليس الاكتفاد فقط باعطاء التصريح للمرور من المنافذ دون استكمال بقية الخدمات في السكن والإعاشة وبالله التوفيق .