٭ ٭ بالنسبة لي كانت المرة الأولى التي أصغي فيها - مباشرة - الى الامير خالد الفيصل، وهو ينثر قلائد من درر فكره الواسع على مسامع الجالسين امامه في قاعة للفكر والثقافة، كان ذلك في امسية الثلاثاء الماضي، عندما احتشد جمهور واسع من المثقفين حول امير الكلمة ومهندسها، وهو يتلو كلمة طويلة، كانت في تقديري اكبر من محاضرة، واكثر من درس فكري، جاءت من خلاصة فكرة الامير المتيم بالثقافة، والمتسربل بتراكمات عريضة من الخبرة الادارية . ٭ ٭ وأستطيع أن أقول وبكل صراحة ان الامير خالد الفيصل قد لفت انتباهي وبالتأكيد غيري الكثير، الى ناحية مهمة لم نكن نفطن لها بالشكل الصحيح والمطلوب، وهي " ثقافة التفاؤل والامل " بحسب تعبير الامير . . وهي الثقافة التي تتقاطع مع الاحباط والانكفاء والتقوقع . . وكان ذلك استنباطا ذكياً للامير، عندما فطن - كعادة الفطناء - الى ان قطاعاً عريضا من المجتمع، درج على التقوقع داخل دائرة الاحباط، وهي الدائرة الخطرة على الامم، والتي لو استكان لها الناس لظلوا حبيسي خطوتهم الاولى، في مدارج السير وسط أمم الارض، ولبقوا في مؤخرة ركب الدنيا يتجرعون احباطاتهم لوحدهم، دون ان يأبه بهم احد . ٭ ٭ الأمير خالد الفيصل قال - ويكرر دائماً - طموحاً عريضاً، هو في الواقع شعار قيادتنا الرشيدة، والذي اختزله الأمير في جملة قصيرة لها دلالتها ومعناها العميق، والعبارة هي " نحو العالم الأول " ومن الذي لا يريد ان يصل الى العالم الاول بكل غناه الحضاري، وتفرده، وتميزه الذي هو - في الواقع - جدير بأن نضع يدنا - كمجتمع - في يد ولاة امرنا الذين يتطلعون الى هذه المثابة الجميلة لمجتمعنا السعودي، الذي يستحق ارضا وانسانا، ان يبدأ - وبعزم لا يلين - مشوار الألف ميل نحو ذلك المكان الجميل - العالم الأول !! ٭ ٭ ولقد كرر الأمير خالد كلمة التفاؤل كثيراً في امسية الثلاثاء الماضي، وكان يقولها مصحوبة بابتسامة عذبة، تعكس شغفه وحلمه العريض، وايمانه القوي، باننا فعلاً قد بدأنا مرحلة جديدة من التلبس بثقافة التفاؤل والأمل، والخلاص من ثقافة الاحباط والتقوقع، وان علينا ان نعرف مقدار انفسنا، وحجم مكانتنا اقليمياً واسلامياً وعالمياً، الى ان اشار سموه الى ان من المهم ان نقبل - بكل اريحية - بالانفتاح على الآخر، والافادة من خبرات الغير، ومزاحمة الأمم على مواقع الصدارة . ٭ ٭ الامير خالد الفيصل استدرك في محاضرته الجميلة ان كل ذلك لا يعني التوقف عن النقد، وكانت تلك اشارة ذكية من الامير اراد من خلالها ان يبعث برسالة للحاضرين ومن هم بعدهم، بأن النقد من ناحية والتفاؤل من الناحية الأخرى، انما هما جناحا طائر لا يمكن لنا ان نسير في الدرب بدونهما، لكنه ذلك النقد الذي يتناول السلب والايجاب معاً، بحيث يمكن لنا ان نكشف ونكتشف الاخطاء، وفي ذات الوقت نشيد بالمنجزات ونؤكد على العطاء الكبير الذي تحقق لنا على ارض الوقت، ولعمري ان هذا هو العدل في القول، مصداقا لقوله تعالى : " واذا قلتم فاعدلوا " . ٭ ٭ وليس جديدا ولا مفاجأة القول ان منطقة مكةالمكرمة محظوظة بأميرها المثقف، اميرها الاداري المحنك، اميرها الحالم الذي ان قال فعل، وان فعل أبهر، ذلكم الامير الذي يدهشك بقدرته على استشراف المستقبل، بعاطفة المواطن، وعقل المسؤول معاً، ولذلك يكبر حلمنا مع أميرنا، ويتسامق الى عنان السماء، وستثبت الايام القليلة القادمة لاهالي منطقة مكةالمكرمة وسكانها ان ل " خالد الفيصل " بصمة خاصة تليق به وبالمنطقة وبالوطن، الذي يقوده ملك الانسانية، ويعاضده سمو ولي عهده الامين . ٭ ٭ وأخيراً . . فقد لفت انتباهي تلك الاصغاءة الواعية التي كان عليها الامير عند كل مداخلات حضور مساء الثلاثاء البهي، فقد اصغى للمثقف، ولاستاذ الجامعة، وللطلاب، وللسيدات، وداعب الحضور، وظهر في حزم المسؤول، وبساطة الانسان، وروح الاخ، ودخل بحديثه وحضوره وذكائه وحسه المرهف الى القلوب، لانه جاء اصلاً بقلب كبير استوعب الجميع . bakeet 8 @hotmail . com