بين فترة وأخرى نقرأ عن ضبط عناصر من جنسيات مختلفة وهي معروفة تقوم بصنع خمور وترويجها وأوكار لممارسة جرائم أخلاقية خطيرة . . وعندما أطالع ذلك ينتابني شعور مزدوج أو مختلط بين فرح وحزن . . كيف ذلك؟ أفرح وكلنا نفرح، لأننا آمنون مطمئنون بتطبيق الدولة لشرع الله والعمل بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم لجهود رجال الأمن ورجال الهيئة في الحفاظ على سلامة مجتمعنا وأمنه من غول الانحراف والجريمة والتي تستهدف بكل أشكالها البناء الأخلاقي، وضبطها وكشفها وتقديم المتورطين فيها للعدالة، وهذه نعمة كبيرة نحمد الله عليها كثيراً . أما الحزن والأسف فلأننا نلمس تهاوناً في التحصين التربوي . . أتذكرون أننا كنا نتحدث عن الخصوصية ونعتز بها . . وخصوصيتنا ليست تميزاً عن غيرنا من البشر أو ندعي أننا لدينا صفات مثالية، بل نحن مثل كل البشر نخطئ ونصيب ويوجد الطيب والخبيث والملتزم والمتهاون، ونتغير مثل كل شعوب الدنيا لكن ما يميزنا في الحقيقة هو الحرص على الفضيلة ونشرها ومحاربة الرذيلة حتى لا تشاع، وهذا هو أساس الأمن الشامل الذي يتعلق بتحصين وتقوية الوازع الديني والأخلاقي، وكلما كان هذا الوازع راسخاً، كان الانحراف أقل ووأد الرذيلة في مهدها حتى لا تتحول إلى نزوع وسلوك نحو الجريمة التي تشعبت وتلونت كالحرباء . زمان كانت الأسرة أبا عن جد تؤدي رسالتها وتجعل التربية شغلها الشاغل، والمجتمع كان شريكاً مخلصاً في ذلك ولا يقبل المساس بالأمن وبالأخلاق، ويحرص على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبذلك كان عونا لرجال الأمن وساعدا لرجال الحسبة ولا يتمرد على دورها وبذلك أعان على نشر الفضيلة . اليوم الدنيا غير الدنيا والمفاهيم تبدلت عندما تنازل المجتمع وترك العنان لتأثيرات العولمة الطاغية بدء من الاقتصاد والزلزال الحادث حاليا وتوابعه على العالم، إلى الفضاء المفتوح الذي يبث الفكر المادي وأنماط العلاقات الاجتماعية والشخصية، وصولا إلى إسقاط الحياء حتى في العديد من القنوات العربية التي أصبحت تتبارى لتكون أكثر تجرؤاً على هدم الأخلاق . . و أصبح المفتاح في الريموت كنترول، لكن المفتاح ضاع من الأسرة أو سلمته طائعة مختارة إلى يد الشاب والفتاة ليل نهار . أقصد من ذلك أن المجتمع لم يعد مهتماً، وغاب التكامل بين دور المدرسة والأسرة، وما كان صعباً ومرفوضاً أصبح مقبولاً والمحظور مباحا وتراجع معيار الفضيلة فازدادت الجرائم الأخلاقية . . ولهذا لا نستغرب إذا نظر البعض إلى دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على أنه تشدد وتضييق على الناس . وللأسف بدأنا نسمع في السنوات الأخيرة أصواتاً تتمنى لو لم يكن للهيئة دور، وهناك من شطح بعيداً ولم يخفِ أمنيته في أن يستيقظ من نومه ولا يجد للهيئة وجودا ! . كلنا نتذكر ما أثير خلال عام تقريباً عن حالات فردية، أخطاء كانت أو تجاوزات من بعض رجال الهيئة وحققت فيها، لكن تعكرت الأجواء واصطاد من اصطاد وبث كراهيته لها ولكل ما يتعلق بدورها ووجودها، وجعل قلمه ورأيه مدفعا من العيار الثقيل . . وهناك من اعتبر الهيئة لا تناسب عصرنا المفتوح أو المنفتح أو " المتفتح " بينما وجودها في رأيهم انغلاق وتأخر، وهمس من همس بأنها دليل رجعية، لأن قاموسه خلط الحابل بالنابل ويردد مصطلحات " حرية ديمقراطية ملوخية "!! لنترك الهيئة تؤدي دورها ونعينها عليه وننظر بعين التقدير لمسئوليها ورجالها، وإن حدث خطأ فردي وهذا وارد، نقول أن هناك خطأ، والإنسان غير معصوم، ومن من البشر لايخطئ ولا يتجاوز إلا من رحم ربي، والهيئة تنفذ خططا مكثفة لتطوير الأداء والعامل الميداني وفق أبحاث ودراسات متخصصة، والتوجيه بحسن الخطاب والمعاملة مع الناس بالحسنى وفي الحدود والضوابط المرعية . يخطئ من يتصور أننا سنكون بخير ومجتمعنا متعافى في أخلاقه بدون حراسة الفضيلة وتعزيزها، لأنها الحصن الحصين من آفات الجريمة . . ولنتخيل أو نفترض أي تهاون في ذلك، ماذا يمكن أن يحدث لا سمح الله لمجتمعنا ولشبابنا وبناتنا؟ وماذا سيكون حالنا لو لم يضبط رجال الأمن ورجال الهيئة أوكار الفساد من تصنيع وترويج خمور وشبكات دعارة وجرائم تتعلق بالأخلاق والأعراض . . ولو اطمأن المفسدون في عبثهم بأخلاق المجتمع وأمنوا العقاب . . بالتأكيد سيلعبون على المكشوف بدلا من الظلام وحياة الخفافيش . . هل نقبل بمثل ذلك؟ ومن منا يرضى أن تشيع الفاحشة وقد قال تعالى : " إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون " أقول هذا الكلام للتذكير بدور مجتمعنا، وقد رأينا نماذج من جنسيات أجنبية تعيش بيننا يتشبهون بالنساء ويضعون الماكياج وملابس تكشف عن تخنثهم وطبيعتهم كجنس ثالث، ورأينا شبابا مراهقين من مجتمعنا يقتربون من هذه المواصفات تحت بصر وأنظار أسرهم ولا حياة لمن تنادي . . ألا يستحق كل هذا أن نعين الهيئة ونتعاون ونتفهم، وأن نقدر الخير من وجودهم ونحمد الله على نعمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . . وجزى الله رجال الهيئة كل خير . . قولوا " آمين " . * نقطة نظام " من أمن العقوبة أساء الأدب " . sh98khalid@ gmail. com