.. لم تكن الانقلابات العسكرية في عدد من الدول العربية بمثابة استمطار لرخاء الشعوب . أو فاتحة لخزائن كانت مفقودة ..ولا انفتاحاً جديداً للديموقراطية المفقودة أصلا ..أيضاً لم تكن تشريعاً جديداً ينطلق من مبادئ إسلامية تكرس شريعة السماء بقدر ما كانت نزعات وتعطش للسلطة تحت عناوين مختلفة ووعود ما تلبث أن تتخبر على صخرة الوضع الجديد، الذي أوقع بعض البلدان في غياهب الحروب الأهلية والصراعات الحزبية بعيداً عن هموم ومصالح الشعوب . هكذا تتلمذت الكثير من الدول العربية على " عقيدة " الانقلابات دون تداول سلمي للسلطة ..ليغرق المجتمع في هموم وخطابات مختلفة ..وليتغذى على السياسة في غياب لقمة العيش ..الأمريكيون من جانبهم يدعون إلى الانقلاب على من لا يسير في خطواتهم حتى وإن كانت في " زفة الموت "..وحين يكون العكس فإن شعار الديموقراطية جاهز على الطريقة الأمريكية ..وهي سلعة يتم تسويقها حسب مواصفات البيت الأبيض ..سواء كانت من الناحية الاقتصادية أو العسكرية ..حيث تسقط نظرية الديموقراطية حين تتعلق بهذه المصالح ..أمريكا نفسها يمكنها أن تقتلع حكومات بل بلدان باسم الديموقراطية ..ويمكنها أن تعمل على تنصيب حكومات باسم الديموقراطية أيضاً ..كما يمكنها أن تقتل آلاف المدنيين من شعوب الأرض باسم " السيدة " الديموقراطية ..ومن ثم فإن الرهان على نجاح الانقلابات العسكرية في الوطن العربي أو الاسلامي مرتبط بالتأييد أوالرفض الامريكي ..وهو ما شهدناه مؤخرا في باكستان كدولة إسلامية حيث أعلن برويز مشرف استقالته بعد يومين من إعلان البيت الأبيض التخلي عن دعمه . في حين كانت أمريكا قريبة منه منذ أعلن انقلابه على نواز شريف عام 1999م . وخلاصة الكلام هنا هو أن تجارب الانقلابات لم تولد ذهباً للشعوب ..كما أن التدخلات الأمريكية أو التعويل عليها لم تكن يوماً في صالح الشعوب . ومن ثم فإن النظام العربي بحاجة إلى صياغة مستقبل يكفل الديموقراطية الحقيقية لشعوب الأمة ..ويحمي أنظمتها ومصالحها من شهوة اغتصاب السلطة . وتحييد المؤسسة العسكرية عن السياسة ..وذلك من خلال الاتفاق على رفض أي تغيير لايستند على الشرعية ..كما يمكن أن يكون للنظام العربي الجديد الذي يتم توثيقه في الجامعة العربية . أن يتدخل لإنهاء أي نزاع داخلي وذلك بالأسلوب الذي ينسجم مع مبادئ الدستور والشرعية ..وعند ذلك يمكن للدول العربية أن تغلق باب الانقلابات من ناحية وأن تقطع الطريق على التدخلات الاجنبية من الناحية الأخرى وفي الوقت نفسه تعمل على تكريس الديموقراطية التي من اهمها رفض اغتصاب السلطة من فوق دبابة عسكرية . ومن ثم تطوير مستوى الأداء في جانب الإصلاحات على مختلف المستويات، وتعميم الديموقراطية بمفهومها الصحيح لابمفهوم السلاح . nsr 2015 @hotmail . com