من بين أغصان أشجار حديقتي الباسقات التقطت عيناي روعة منظر السماء الزرقاء في صباح يوم جديد، توالت أفكاري لترتفع إلى السماء معتذرة عن غياب كثيراً من تعبير قلم تاه مع أحداث كثيرة مرت بي، فترة طويلة غبت فيها عن أحاسيسي ومشاعري، فقد ظلت حبيسة مُقيدة برغبتي، متوارية خلف أسوار عالية تحيط بها من كل الاتجاهات لم أكن أريد الإفراج عنها حتى أستجمع أشلائي المبعثرة بسبب أمواج الحياة العالية ! ضاعت ساعات وسنين سهوا بين أنقاض عطاء متواصل لا يهدأ ولكن بحبي الكبير الذي يغمر كل من حولي . حتى ذلك اليوم الذي هبت فيه نسمات صبح أحاطت بي ..رفعت رأسي لأستنشق هواءها بنشوة وإذا بي أنظر إلى نهايات أفرع أشجاري وبين أفرعها كانت السماء الصافية تضيئها الشمس بنورها، وسحابة بيضاء تتهادى على صفحتها في هذا الصيف القارئظ، ورغم ذلك سعدت بها نفسي ووجدت مساحة للتفكير أمامي كانت قد غابت عن ذهني فترة من الزمن في خضم أحداث الحياة التي لا تنتهي، ورغم وجود مساحات كثيرة بداخل عقلي لا تخضع لقيود ولا حواجز ولا موانع يمكن أن تُفرض عليها ..انطلقت فيها بحرية مُطلقة بحماس انتابني ومن بين الأغصان رأيت حروفاً كثيرة تشكل كلمات لتاريخ حياتي، بأفراحي وأحزاني ..راحتي ومعاناتي، ثرائي وحرماني، مساحة للتفكير كانت بانتظاري انطلقت فيها أحاسيسي حرة طليقة فالفكر بدون إحساس كالعيش بلا حياة ! . أمعنت التفكير في دواخلي بكل دقائق حياتي خلاصات من التجارب تجثمت أحداثها أمامي ..أعدت بعدها ترتيب دفاتري بعد التمعن في محتويات ما مر بي وما أكثره !!أهمها تعاملاتي مع البشر، منهم من رأيته عملاقا في تعامله ثم نقصت درجاته بعد حين عندما سقط القناع ..وآخرين عفويين لا يستطيعون التعبير عما يريدون قوله ولكن تأتي مواقف أجدهم فيها وقد ارتفعت درجاتهم في قلبي واحتلوا مكانة ما توقعتها يوماً . ولكنني أحببتهم جميعاً أحببت فيهم بشريتهم التي جلبها الله عليهم وعفويتهم التي تصدر أحياناً بكلمات تلقائية أو تعابير صامتة، تعلمت من خلالهم الكثير حتى قسوة بعضهم أفادتني علمتني معنى التأمل في النفس البشرية . وعدت إلى نفسي أرمم ما تبقى من أحاسيسي وأنا في مكاني جالسة تحت ظل أشجاري وأفكاري سابحة في سمائهما متمعنة في ذاتي . خرجت من الأنا لواجه واقع غير واقعي ..ولأعيش بغير أناتي ..كممن الخيال سجنته خلف ذاتي وعلى وجهي رسمت ابتساماتي ..وكتمتصوتي خلف أناتي ..وخرجتمن الأنا بإبداع كان من سماتي وإلهام يتأتى من صميم معاناتي .