هل يجوز استخدام السيارات الحكومية في المشاوير والمهمات الخاصة؟ وهل يجوز لرئيس قسم أو مدير إدارة في جهة حكومية استضعاف موظف صغير بتسخيره لتوصيل أبنائه للمدارس ذهابا وإيابا وبسيارات العمل . شرعا ونظاما لا يجوز ولكنه يحدث بكل أسف، وأصبح سوء استخدام السيارات الحكومية واستغلال موظفين ضعاف وسياراتهم أو سيارات العمل عرف سائد عند البعض، ينجز بها ما يشاء من مشاوير لا تمت للعمل بصلة، وإذا تعارضت المصلحتان فالأولوية للخاص، أما العام فيؤجل لوقت لاحق غدا أو بعد غد، أو يلغى إن لزم الأمر من قبيل مجاملة الموظف الصغير الذي يتعب من اجل مصلحة سعادة المسئول ..باختصار مجاملة من المال الحكومي العام . تصرفات كهذه لا يمكن أن تصدر من مسئول رفيع المستوى، إنما من بعض الذين لهم صلاحيات ويمارسون نفوذا وسطوة على صغار موظفيهم لتطويعهم لمصالحهم الشخصية ..وهنا لابد أن نفهم أصل الحكاية : لماذا يحدث التجاوز والتهاون من موظف مسئول، والسمع والطاعة من موظف صغير؟ ! . فلسفة هؤلاء تسمعها بإذنك إذا نبهت أحدهم أو رأى في عينيك استفهاما واستنكارا واتهاما، سرعان ما يردد بصفاقة ودون خجل " وهل أنا أغنى من الحكومة " ؟ ! وهكذا من يفعل ذلك يبرر انتهازيته بضمير نائم لا علاقة له بالحلال والحرام ولا بالأنظمة ، ولا بحق العمل الذي من أجله يجلس على كرسيه الوثير ويستلم راتبا محترما أخر الشهر ويصرف بدل مواصلات، ويفترض أن يكون مؤتمنا على وقت وسيارات العمل ومهام موظفيه وكرامتهم . ولأن هؤلاء يطبقون قانون الغاب، فإن الموظف الصغير البسيط يخشى إن عصي طلبات مديره، سيلاحقه " سعادته " بالاضطهاد والمضايقة والتعرض للعقوبات وشد الأذن بالتكليفات الزائدة ومحاسبته على الصغيرة قبل الكبير حتى يكره نفسه قبل أن يكره رئيسه وعمله وعلى رأي الشاعر : وعين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا الذين يسيئون استخدام السيارات الحكومية وتسخير موظفين في مشاوير خاصة هم بالتاكيد انتهازيين ومن العجيب ان نرى من ينفش ريشه ويتمادى في انتهازيته فظهار مدى نفوذه في العمل، ولكن كما تقول الحكمة " من أمن العقوبة أساء الأدب " والأدب لا يختزل والأخلاق يجب ان لا تتجزا ..ومنثم الموظف في موقع مسؤولية لايكبر فقط بالدرجة والترفيع، وإنما بأخلاق العمل وحسن الالتزام بالأنظمة، وبالقناعة والنزاهة في المال العام، أما أن يرى في وظيفته نفوذاً وسطوة وجواز مرور للاستغلال فهذا هو الفساد بعينه . هذه قضية مهمة تدعو إلى مزيد من الرقابة وتفعيل المساءلة، وتأكيد ضوابط استخدام السيارات الحكومية وعدم استغلال الموظف البسيط الذي لاحول له ولا قوة ..وإذا كان لا يجوز للمسئول الذي يتم تعيين سائق له حسب النظام أن يسيء استخدام السيارة والسائق في غير العمل ..فكيف بمن لا سائق له ومرتاح مادياً ويحصل على بدلات مواصلات حسب درجته ووظيفته أن يحول موظف صغير إلى سائق خصوصي برواتب من الحكومة ..ألم تسمعوا عن عاملين بسطاء في أي جهة، يشترون الخضر ومقاضي البيت وإنهاء المعاملات الخاصة وحجز تذاكر وتسديد فواتير لرؤسائهم وتوصيل أبنائهم للمدارس ؟ ! نحتاج فعلا إلى إعادة الروح بالدرجة الكافية لآليات المراقبة من جهات العمل أولاً ثم من الأجهزة الرقابية المختصة ..فإذ كان موظفاً مسئولا على رأس قسم أو إدارة ينتهز العمل بهذا الشكل ونفسه أمّارة بالسوء إلى هذا الحد، فما بالنا بموظف صغير في عهدته سيارة حكومية تحت يده ليل نهار متى شاء وأينما أراد وكانت نفسه ضعيفة، ويرى فسادا وانتهازية من رئيسه في العمل . حالات كهذه موجودة ويمكن رصدها بالعين المجردة من خلال المشاهدات اليومية لمن يدقق النظر في سيارات حكومية تقطع الطرق خارج الدوام وفي غير مهام العمل، لذا أعتقد أن مشكلة كهذه بحاجة إلى رقابة حقيقية، وإلى دخول المرور على الخط مع ضرورة تمييز لوحات السيارات الحكومية، ليسهل رصد التي تسرح وتمرح في الشوارع بدون تكليف إداري مكتوب . إن المشكلة في مثل هذا الفساد وعدم النزاهة، أنها لا تتعلق فقط بسوء استغلال سيارات العمل، وإنما كما قلت، في تسخير واستعباد موظفين صغار، مع احترامي لكل إنسان فجميع البشر متساوون في الكرامة والشخصية وحقه في ذلك محفوظ ولكن الموظف الصغير في ظروف كهذه يكون مسكيناً مغلوب على أمره ويقع تحت ضغط " أكل العيش " وانتهازية مديره إذا كان يمارس هذا الفساد الوظيفي . يا أصحاب الشأن أوقفوا مثل هذا الفساد أينما وجد ..وكلمظاهر الفساد في استغلال الموظفين الصغار في مشاوير شخصية، وألزموا الانتهازيين عند حدهم بالعقوبات الرادعة التي يستحقونها وتجعلهم عبرة، وأعتقد أن كل من ينتهز وظيفته في أي جهة كانت ويمارس نفوذاً في غير محله يعرف نفسه جيداً، وعليه أن يفيق من الغفلة ونزوة الجشع وأكل أموال الدولة بالباطل قبل أن يأتي يوم لاينفع فيه الندم . ** نقطة نظام : المخادع كالورقة الصفراء يسقط من أول نسمة هواء [email protected]