يتعرض مجتمعنا السعودي المحافظ لكثير من الاغتيالات والانتهاكات لحقوقه وعاداته وأهم شيء قيمه ومفهومه وأخلاقه ..بتنا اليوم نسمع ونرى أموراً لم نألفها في بلادنا، ولم ندركها حتى في أجيالنا السابقة ..أصبحنا اليوم نسمع عن الصداقات غير الشرعية بين الشباب والشابات واللقاءات غير المبررة والمحرمة، والمشاكل التي تحدثها تلك العلاقات المشبوهة .وتُخلّفها للمجتمع من قتل وتدمير أسر وانتهاك أعراض وإفساد للخلق والمبادئ والعقيدة التي نشأنا عليها وتمسكنا بصراطها المستقيم ..وأسأل نفسي هل ما وصلنا إليه هو نتيجة ضياع دور الأسرة ؟ وغيابها تماماً عن مسؤولياتها وواجباتها؟ هل ضياع قيمنا ومبادئنا كان بسبب دخول الحضارة السريعة وأساليبها وطرقها المتسيبة، أم سرعة التكنولوجيا الحديثة وسوء استخدامها؟ تراودني الكثير من الأسئلة التي لم أجد لها جواباً شافياً أو حكماً عادلاً في قرارة نفسي ..أعتقد أن سبب هذا الضياع والتسيب والإهمال والإنحدار هو ناتج عن عضل البنات وإدبار الشباب عن الزواج !!والتهاء المجتمع وتقويض وتشتيت بيوت، فقد بُحّت حناجر الغيورين على مجتمعهم بين محذر ومرغب في الزواج والتوجيه إلى مسالك الخير ورضاء الله .ولكن أعتقد علت أصوات المحذرين من الزواج على الغيورين والمرغبين فيه .حيث صاحب كثير من الزيجات اليوم نوع من المغالاة ولحق بها كثير من التعقيدات والشكليات والتفاخر والمباهاة في الكماليات، ممّا صعّب الأمر على الشباب لإكمال نصف دنهم ودنياهم بالاقتران برفيقة دربه وحياته وفتحت أمامه وسائل الترفيه المشبوه . زد على ذلك الفراغ الذي يعيشه أبنائنا اليوم وأهمها الفراغ والنفسي والاقتصادي إننا لم نستغل التكنولوجيا لصالحنا وصالح مجتمعنا، بل استخدمناها لنزواتنا وحاجاتنا في ظل غياب الأسرة والتربية مما أتاح مجالات للضياع والانغماس في حياة اللهو وكل هذا جنيناه باسم الحضارة والتكنولوجيا !!وإلا وصفوّنا بالتخلف والهمجية وغير التفهم للحياة !!..فبدلاً من أن نشغلهم بما ي ُصلح حالهم شغلونا بأحداثهم ومشاكلهم وعبث حياتهم ..لقد رسم لنا ديننا الإسلامي الحنيف المنهج الواضح لصيانة النفس وحماية العرض والأخلاق، وأمر ووجه بتوفير أمور الزواج والحث على الاقتصاد فيه .حيث جاء عن حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إن أعظم النساء بركة أيسرهن مأونة " ، فاللذين يخالفون هذا النهج الرباني بالتأخير أو التسويف وأحيانا بالعزوف والتعقيد إنما يخالفون منهج الله ورسوله . عشنا اليوم لنرى فلسفة جديدة هي عزوف كثيرا من الشباب من الجنسين عن الزواج المبكر، وبتنا نسمع للأسف حُججاً واهية ومحيرة في نفس الوقت .فالشباب اليوم بات يتعلق بآمال وأحلام سرابية ..وخيالات وأوهام وقتية، هي في الحقيقة أضغاث أحلام ومن هذه الحجج، إكمال الفتاة لدراستها ؟ فمتى كان الزواج عائقاً عن التحصيل الذهني وراحة الفكر، والبعض الآخر من الشباب يتطلع لحياة الأثرياء، ويرغب بتكوين نفسه، هذا إذا وجد الوظيفة المناسبة !! ، والبعض صرف النظر عن الزواج بسبب البطالة والفقر الذي تعانيه أسرته، وعدم رغبة الفتاة بالارتباط بشخص لا يوفر لها حياة سعيدة في المنزل أو شراء سيارة فارهة، أو مسبح كبير، أو السفر بالصيف أو توفير خادمة ومربية . يا سبحان الله نعيش أياماً ليست بأيام أمي وأبي، نسينا " خذوهم فقراء يغنيكم الله من سعته " أو " زوجوهم وأعينوهوم " ، ولكن نعيش اليوم في وضع نتساءل معه من يساعد من وسط هذا الغلاء والبطالة وقلة الدخل ؟ ! . فوصيتي للشباب بنوعيه أن يفكروا جدياً في موضوع الزواج متى ما توفر لهم الأمر .وأهيب بالأسرة والوالدين ألا يتعلقوا بأمور شكلية ووهمية قد تكون حاجزاً بين ما يرمون إليه من أحلام، ولا يتذرعون بما نسميه اليوم " أرغب تأمين مستقبلي " ، لقوله تعالى : " إن يكونوا فقراء يغنيهم الله من فضله " ، وهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول : " أطيعوا الله في أمركم من النكاح، ينجز لكم ما وعدكم من الغنى " ، ويقول بن مسعود رضي الله عنه : " التمسوا الغنى بالنكاح " .فعزوف الشباب من الجنسين عن الزواج له مضاره الخطيرة، وعواقبه الوخيمة، ونتائجه المدمرة على المجتمع والأمة بأسرة . لا سيما في هذا الزمان الذي كثرت فيه أسباب الترفيه المشبوه، وقل الوازع الديني، لحد أن الأسرة فقدت دورها . واليوم يتقدم الشاب الكفؤ ديناً وخلقاً وأمانة ..فيماطلونه ويعتذرون له وينذرون فيه إلى أمور شكلية وجوانب كمالية، لقد وصل ببعض أولياء الأمور الجشع والطمع أن يعرض ابنته سلعة لتجار المساومة والبيع والشراء " والعياذ بالله " !! فهذا غش وعضل وخيانة للأمانة التي أوكلها الله للأب !!فالمهر وسيلة لا غاية، ومغزى لا جباية .قال عليه الصلاة والسلام لرجل : " التمس ولو خاتماً من حديد " ، فلما لم يجد قال صلى الله عليه وسلم : " زوجتكها بما معك من القرآن " ، وأنكر عليه الصلاة والسلام المغالاة والمغالين في المهور . وأقول هنا لا تصلح هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، فالعودة ..العودة إلى تاريخنا وعقيدتنا وخلقنا، ومبادئنا، هي الأساس في معالجة وضعنا الراهن .