المواطن العربي يقرأ بمتوسط ست دقائق في السنة، مقارنةً بالقارئ الغربي والذي تصل معدلات قراءته إلى 36 ساعة سنوياً. أما بالنسبة لأطفالنا، فالإحصاءات سوداء.الطفل العربي يقرأ بمعدل سبع دقائق في العام مقارنة بالطفل الأمريكي والذي يقرأ نحو ست دقائق يومياً. ترى أيوجد فرق؟ أم أنها مجرد كسور وكلام فارغ وأرقام زائفة لمجموعة من الباحثين الفاضين؟ وإحصاءات مغشوشة مدسوسة علينا؟ وقبل أن تتوالى علينا صرخات الاعتراض والشجب واتهام " الآخر" بالمؤامرة الإمبريالية... نقول إن تلك الأرقام صحيحة، بل أنها تفسر الكثير من الظواهر التي نراها تطفو على سلوكنا الإنساني، وما يصاحبه من خلل في طريقة التعاطي مع أمورنا اليومية، بل وتبرر ذلك القصور في الفهم الذي يفسر تأخرنا وتبعيتنا. القراءة في بلادنا ليست للجميع، بل لقلة القلة. المثقف في مجتمعاتنا هو قارئ الجريدة اليومية، لتنتهي علاقته بالكلمة مع آخر رشفة مع قهوة الصباح!! وهذه الطامةٌ الكبرى. أمّا في استقصاء جرى مؤخراً على مختلف شرائح المجتمع الأمريكي فقد أثبتت الدراسات أن واحداً من أهم الأسباب الرئيسية في انتشار الكتاب بين أيدي الناشئة ووولعهم به هو الأسلوب المميز الذي يعتمده الآباء والأمهات منذ نعومة أظفار أبنائهم في زرع حب القراءة في قلوبهم. كيف ذلك؟ أسلوب بسيط....قراءة يومية قبل النوم..فتنشأ علاقة عشق بين القلب الصغير ورائحة الصفحات المثيرة. في حين أنه في دول العالم المتحضر تؤلف الكتب الموجهة للشباب في كافة المجالات، تبقى مكتباتنا العربية في حرب ضروس مع أبطالها مبتغي الشهرة، فما بين مرتزقة يهرولون على قضبان روايات الجنس السخيفة علهم يصلون إلى ما صبت إليه أنفسهم، وما بين قنوات فضائية اغتالت أوقاتنا في وقاحة مخيفة، نبقى ضائعين وسط الطريق، تائهين في صخب الزحام!! وحتى لا يطول النواح، نقول إن الحل ينبع من إيمانٍ عميق بأن القراءة من أبجديات الحياة السوية، وأن تنشئة الجيل الصاعد على حب القراءة واجب مقدس على كل فرد بعينه، واجب أسري، وحس وطني قبل كل شيء. آخر الإحصاءات تشير إلى أن ما يُطبع في العالم العربي أجمع ما يقارب خمسة آلاف كتاب في العام مقابل 290 ألف كتاب في الولاياتالمتحدةالأمريكية فقط. قد لا نستمتع بكل ما نقرأ..حقيقة، لكن لا بد وأن نجني ثمرة قد تسقط فجأة من هنا أو هناك، من المؤكد أن نقطف نتاج ذلك الوقت، إما فكرة أو معلومة حية تكون بمثابة شعلة تفاؤل في طريق الغد الذي قد يبدو لوهلة مظلماً. ببناء المعرفة تبنى الحضارات، وينضج الإنسان ويتهذب السلوك، يُبنى الداخل وتُرتب العقليات المهللة، تلك الصفحات القليلة التي يقرأها أطفالنا بين أيدينا قبل أن يغطّوا في نومٍ هي الشرر الذي يوقد شعلة نبوغ على مر الزمن.. فلنهدِ أطفالنا إذن كتاباً عله يكون اللبنة الأولى في أساس إنسان قد يكون عنصراً فعالاً في بناء صرح هذا الوطن.