باتت الصحافة الورقية تعيش فترة حرجة، نظراً للتطور الكبير والمتزايد الذي تعيشه التقنية، ولعل آخرها -وليس الأخير- الاحتفاء الكبير الذي حظي به الكمبيوتر اللوحي الجديد "ipad" من "آبل"، الذي طرح في الأسواق بعد ترقب كبير، في ظل توقعات بقدرات متفوقة له قادرة على تغيير النظرة التقليدية إلى أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة معاً. الأوساط المهتمة بهذا الجهاز رحبت به كثيراً، ورأت أن "آبل" قدمت من خلاله ما يحتاجه المستخدم بالفعل، فقد أشار خبير مركز أبحاث "إنتيربريت" المهتم بالتقنية، مايك جارتنبرج، إلى أن "آبل" قدمت الإجابة بالفعل عن السؤال الذي لابد أن يخطر ببال المستخدم عن مدى حاجته لهذا الجهاز. وميزة الجهاز انه ذو حجم متوسط، ويعمل عن طريق اللمس، ويغطي احتياجات المستخدم بشكل كامل، ويمكن من خلالة تصفح الإنترنت ببساطة من أي مكان وزمان، وهي واحدة من أهم ميزات الجهاز. وكانت شركة "آبل" قد روَّجت للجهاز باعتباره اختراعاً لجيل جديد من أجهزة الكمبيوتر يقع بين أجهزة الكمبيوترات الدفترية والهواتف المحمولة الذكية. كما يتوقع المهتمون بصناعة أجهزة الكمبيوتر أن يفتح جهاز "ipad" الآفاق أمام انتشار جيل جديد من أجهزة الكمبيوتر، لاسيَّما بعد أن كانت شركة مايكروسوفت العملاقة للبرمجيات قد فشلت في تسويق أول جهاز مماثل أنتجته عام 2001. والجهاز مصمم للتصفح السهل والسريع للمواقع والصحف الالكترونية، ويمكن للجهاز استخدام اغلب التطبيقات المتاحة في "اي فون" وعددها 150 ألفاً وكذا أكثر من 1000 تطبيق جديد. المؤكد أن التقنيات المذهلة والمتسارعة ومنها تقنيات الحبر الإلكتروني طبعاً تحظى بالكثير من الاهتمام في الفترة الأخيرة، وهو ما يعزوه الخبراء إلى أنه يأتي تحسباً لما ينتظر أن يكون الظهور التجاري الحقيقي للصحف والمجلات الإلكترونية وهو التحول الذي سيكون له أثر هائل في العالم في حال تحققه. يُذكر أنه في منتصف 2009 وفي خطوة استشرافية اجتمع كبار شركات النشر والصحافة الورقية عالمياً في الوقت الحالي مثل مجموعة شركات News Corp الناشرة لكم هائل من الصحف والمجلات, وجميعهم من المؤسسات العملاقة التي تقدم مجتمعة مئات المطبوعات المختلفة ويبلغ إجمالي عدد قرائهم مجتمعين ما يفوق 144 مليون قارئ، والهدف المعلن هو الانتقال إلى عصر جديد. الشركات الخمس أعلنت عن تأسيس شركة تدار بشراكة بينهم جميعاً وتهدف في المقام الأول والأخير إلى تقديم جميع إنتاجاتهم عبر منصة إلكترونية منظمة واحترافية تكفل تجربة قراءة مثالية لجميع هذه المطبوعات على اختلاف أشكالها. خليجياً أكد المشاركون من ممثلي الصحف الخليجية في ندوة (انعكاسات الأزمة المالية العالمية على الصحافة الخليجية) التي نظمتها اتحاد الصحافة الخليجية على هامش المؤتمر العام الأول أخيراً، التوجه العالمي اليوم إلى الصحافة الإلكترونية، مؤكدين أنه حتى الصحف الورقية التي كونت لها على مدار 10 سنوات ماضية مواقع إلكترونية، "أصبحت اليوم تقف على (برزخ) لا تستطيع أن تعود ثانياً للورق أو الدخول ثانياً إلى (جنة) الصحافة الإلكترونية". كما خلص الخبراء خلال جلسات القمة التي استغرقت 3 أيام الى ان الاعلام لم يعد "ورقة وقلماً" وشاشة تلفاز وإذاعة مسموعة، مؤكدين أن تأخر انتشار الثورة الرقمية في البلدان العربية أنقذ الصحافة المقروءة في المنطقة من الانهيار الذي مُنيت به صحف عالمية في أوروبا وأمريكا على سبيل المثال. وتوقعوا مرور الصحف المطبوعة في الدول العربية بأزمة مالية مضاعفة خلال السنوات العشر المقبلة، فضلاً عن خسارة أكثر من 50% من القراء وعزوف المعلنين الذين سيفضلون الإعلان عبر الانترنت والهواتف النقالة، حيث قد تبلغ عائدات الإعلام الرقمي 50 مليار دولار في عام 2020. واليوم أصبح من المألوف جداً تصفح مواقع الأخبار والمواقع الالكترونية كل صباح عبر وسائط عديدة كالهاتف الجوال والانترنت في المقاهي وأماكن العمل والباصات وغيرها، فهل تسارع هذه التقنيات في طيّ سجل الصحافة الورقية في القريب العاجل أم أن الipad والتوقعات بأجهزة منافسة مشابهة له يتوقع ظهورها – وقد ظهر بعضها – ستكون مسماراً آخر في نعش الصحافة الورقية؟