- محمد أحمد - بحلول العام الحالي مضى 53 عاما على أولى التجارب النووية الفرنسية في صحراء الجزائر، دون أن تتحمل فرنسا مسؤولية تأثير تجاربها تلك على الإنسان والبيئة، كما لم تعوض زهاء 30 ألفا من ضحايا تلك التفجيرات النووية. وإلى جانب ذلك لم تبادر فرنسا بتنظيف المنطقة من الإشعاع النووي الذي تبقى أضراره آلاف السنين، حسب الباحث وأستاذ الفيزياء والكيمياء النووية في جامعة وهران كاظم العبودي مؤلف كتاب "يرابيع رقان". وقال العبودي "إن التجارب الفرنسية بالجزائر استخدمت اليورانيوم الذي تبقى آثاره 24400 عام، كما استخدمت البلوتونيوم الذي تستمر آثاره 4.5 مليارات عام". وتوقع ارتفاعا مطردا لعدد ضحايا ما وصفها "بالكارثة النووية" لأن المنطقة تزيد عن 600 كلم طولا وبعمق 80 كلم، وهي تمتد من رقان إلى تمنراست. وأضاف أن أول تفجير في رقان كان يعادل ثلاثة أضعاف قنبلة هيروشيما. واعترفت فرنسا بأربع تجارب في منطقة رقان بولاية بشار، و13 في عين إنكر بولاية تمنراست جنوبالجزائر، لكن العبودي يؤكد أن فرنسا أجرت 57 تجربة نووية في الصحراء الجزائرية، وأن المنطقة الصفرية بين تفجير وآخر كانت مسافتها أقل من 150 كلم، مما جعل الجو مشبعا بالإشعاع النووي. ويصف العبودي التجارب النووية الفرنسية بأنها "جريمة ضد الإنسانية لأنها إبادة للحياة"، وتسببت وفق مسح صحي أجراه بين عامي 1990 و2005 "بارتفاع نسبة أمراض السرطان". وتشكلت هيئة محامين للدفاع عن ضحايا التجارب النووية الفرنسية ترأستها المحامية فاطمة بن براهم التي وصفت هذه التجارب بأنها جرائم ضد الإنسانية، وقالت إن مثل هذه الجرائم "لا تسقط بالتقادم ويعاقب عليها القانون الدولي". وقالت فاطمة إن الشريط الوثائقي لقناة الجزيرة حول التجارب الفرنسية كشف للعالم الجريمة النووية التي ارتكبتها فرنسا في الجزائر بمنطقة رقان وعين إنكر وأبادت الإنسان والبيئة. وطالبت المحامية فرنسا بتحمل مسؤوليتها بالتعاون مع الجزائر ومنظمة الصحة العالمية، بوضع خريطة لأمراض السرطان والآثار الصحية الأخرى التي نجمت عن التجارب وبناء مستشفيات صغيرة في الصحراء لعلاج الضحايا وتقديم التعويض لهم، وتنظيف المنطقة من الإشعاع النووي. فاطمة بن براهم: جرائم فرنسا النووية لا تسقط بالتقادم ويعاقب عليها القانون الدولي (الجزيرة) بدوره طالب الباحث في الهندسة النووية ورئيس لجنة الاعتراف والتعويض عمار منصوري، فرنسا "بالكشف عن الأرشيف النووي لتجاربها في صحراء الجزائر لحماية من بقي من السكان والأجيال القادمة". وقال منصوري للجزيرة نت إن "فرنسا بموجب قانون 2008 حظرت كشفه مدى الحياة، وهذا يدلل على سوء النوايا الفرنسية بعدم حماية الإنسان والبيئة". ويعتقد بأن فرنسا ارتكبت جريمتين: الأولى بتفجيرات لم تخضع لمعايير عالمية لأنها تركت المواقع النووية في رقان وعين إنكر دون تأمين وفق القانون الدولي، فكانت مصدر خطر على السكان، والثانية لتحفظها على الأرشيف وعدم تنظيف المنطقة من الإشعاعات. واتهم منصوري فرنسا بأنها تكيل بمكالين لأنها بعد تجاربها النووية في جزر بولينيزيا بالمحيط الهادي، نظفت المنطقة وعوضت الضحايا وأعطتهم دفترا صحيا وأنشأت مركزا صحيا لعلاجهم، بينما في الجزائر بددت وقت الضحايا ولم تقدم لهم شيئا على الإطلاق. وأوضح "لا نعرف عدد العاملين مع فرنسا بالقاعدة النووية في ذلك الوقت ولا عدد سكان المنطقة، ولم تقم فرنسا وفق القانون الدولي بتأمين مناطق التجارب النووية، بل غادرت المواقع عام 1967 وتركتها مكشوفة ومفتوحة على مخاطر جمة". وقد التقت الجزيرة نت بالمجاهد محمد زمالي الذي قال "إن 40 سجينا مجاهدا كانوا في سجن رقان ألبستهم فرنسا لباس الجيش الفرنسي ووضعتهم قرب النقطة الصفرية للتفجير، فأصبحوا في عداد المفقودين حتى اليوم". وتعود الذكرى كل عام، وتنكأ الجراح دون تعويض الضحايا أو تنظيف المنطقة التي تعصف الإشعاعات النووية فيها بضحايا جدد جيلا بعد جيل.