- فارس ناصر - كشف مصدر مسؤول في وزارة التجارة والصناعة عن تورط خمس شركات كبرى في جدة في قضية التعامل مع عمالة مشبوهة وسماسرة ومنحها حصصها من دقيق ''الصوامع'' لبيعها بعد ذلك في السوق السوداء، وافتعال أزمة. وشدد المصدر على أن الشركات المتورطة في ذلك سيتم الرفع بأسمائها إلى مؤسسة الصوامع لاتخاذ الإجراءات المناسبة معها، وشطب الكميات الممنوحة لها، وذلك لتحقيق العدالة في السوق، وضمان عدم تكرارها لاحقاً. ولفت المصدر إلى أن التحقيقات لا تزال جارية مع عدد من العمالة الآسيوية المتورطة، وبالأخص أحد كبار السماسرة في السوق الذي تم القبض عليه أخيراً متلبساً بتهمة أخذ حصص الشركات بعد التعاون معها من أمام مستودعات الصوامع. وأضاف: إن الشركات ستقع عليها تهمة التستر التجاري بالنظر إلى تسترها على عمالة وافدة وتمكينهم من العمل في نشاط تجاري غير مرخص لهم فيه، ومنحهم حصصهم من الصوامع بطرق غير نظامية، والتسبب في إرباك السوق، مبيناً أنه ما يزال يجري استكمال الإجراءات النظامية بحقهم تمهيداً لتطبيق العقوبات وفق ما تنص عليه القوانين. وأوضح المصدر المسؤول في وزارة التجارة والصناعة أن الكميات التي ضبطت مع العمالة تمت إعادتها إلى الصوامع لتسليمها من جديد إلى الشركات بطرق نظامية. جاء ذلك بعد جولات تفتيشية مكثفة أجرتها فرق الغش التجاري التابعة لوزارة التجارة والصناعة الأسبوع الماضي، لكشف المتلاعبين بسلعة الدقيق وضبط السماسرة الذين يعمدون إلى تجفيف السوق. وضبطت الوزارة مجموعة كبيرة من سماسرة الدقيق وهم من العمالة الأجنبية التي تعمل على تخزين كميات كبيرة من السلعة وبيعها في السوق السوداء بأسعار مرتفعة، واستغلال أوضاع السوق. وقال المصدر خلال حديثه ل ''الاقتصادية'' أمس: ''ما قام به العامل الوافد الذي ضبط أخيراً وهو يحمل كميات كبيرة من حصصا الدقيق المخصصة للشركات يعتبر عملا ممنوعا، لأن النظام لا يسمح للشركات بمنح حصصها لتلك العمالة والمتاجرة فيها، كما أن سلعة الدقيق معانة من الدولة، وتجب مراقبتها لضمان وصولها للأغراض التي حددت لها''. وبحسب الجولات الأخيرة لفرق وزارة التجارة والصناعة في جدة فقد تمت مراقبة الدقيق ومدى توافرها في الأسواق واستقرار أسعاره، وتم ضبط كميات من الدقيق المفسوحة من المستودع رقم 1 التابع للمؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق في جدة والمفسوحة لعدة مؤسسات وشركات لإنتاج خبز المخابز، محملة على عدة سيارات تحت تصرف وافد آسيوي، وجد في حوزته عدة أوامر تحميل دقيق معبأة من الصوامع. كما تم ضبط 11 من سجلات الفواتير الخاصة بإحدى المؤسسات المتعهدة بتوزيع الدقيق، فيما بلغ عدد أكياس الدقيق المضبوطة نحو 2049 كيسا عبوة 45 كيلو جراما، إلى جانب التحفظ على تسع شاحنات بحمولتها من قبل الوزارة، واستدعاء أطراف القضية للتحقيق معهم واتخاذ الإجراءات النظامية بحقهم ومعرفة صلتهم بالوافد الآسيوي، وكيفية حصوله على هذه الكميات وأذونات الصرف، وتوزيعها بعد ذلك في السوق السوداء. وخلال التحقيقات تم الاستفسار أيضاً من الوافد الآسيوي عن السيارة التي يمتلكها وهي من نوع جيب تويوتا GxR التي تفوق قيمتها 200 ألف ريال، رغم أن راتبه الشهري لا يتجاوز 2200 ريال. وأكدت الوزارة توافر الدقيق في جميع الأسواق واستقرار أسعاره، إلى جانب الاستمرار في الرقابة على الدقيق لضبط أي تجاوزات أو محاولات لخلق سوق سوداء فيه. يذكر أن ''الاقتصادية'' نشرت نهاية الشهر الماضي على لسان مصادر مطلعة خبراً، يشير إلى استغلال بعض المخابز والمصانع المتخصصة سلعة الدقيق المعان من الدولة، حيث اتضح وجود مخابز متخصصة تعمل على تجفيف الخبز وبيعه كأعلاف للمواشي والاستفادة من أرباحه العالية. في حين اتضح تلاعب بعض المخابز بالسلعة، حيث يباع لهم كيس الدقيق الواحد زنة 45 كيلو جراما بسعر يبلغ نحو 25 ريالا، وتنتج منه ما بين سبعة وتسعة أكياس من الخبز المجفف، ويباع الكيس منه بسعر 15 ريالا لأصحاب المواشي للاستفادة منه كعلف. وطالبت مصادر في حينها، بضرورة وقف تصدير السلع المعانة من الدولة ومنها الدقيق، ورد الإعانة لخزانة الدولة في حال رغبت الشركة في التصدير، مؤكدة أن استمرار تصدير تلك السلع فيه ''استغلال لأموال الدولة''؛ بالنظر إلى أن الإعانة وضعت في الأساس لتخفيض الأسعار للمواطن. كما شددت على أهمية وضع أنظمة وقوانين صارمة لتصدير مثل تلك السلع، لضمان عدم استغلالها من ضعاف النفوس. وشهدت سوق الدقيق خصوصاً في جدة تلاعبا خلال الفترة الماضية، وهدف منه بعض ضعاف النفوس إلى تجفيف السوق وافتعال أزمة، رغم وجود كميات فائضة من السلعة تسد حاجة السوق. وأكد المصدر المسؤول خلال حديثه ل ''الاقتصادية'' في حينها توافر كميات كبيرة من الدقيق في السوق المحلية، خصوصاً بعد دعم مؤسسة الصوامع السوق بزيادة تقدر ب 10 في المائة، مثمناً الدور الكبير الذي تقوم به المؤسسة في سبيل استقرار السوق. كما نشرت ''الاقتصادية'' نهاية العام الماضي في سياق خبرها عن السلع المعانة، على لسان مصادر حكومية، قولها: إن السعودية تتجه إلى منع تصدير جميع السلع المدعومة من قبل الدولة، وإن ذلك يدرس حاليا في المجلس الاقتصادي الأعلى، وينتظر إقراره في وقت لاحق.