- فارس ناصر - بعد منتصف الليل بقليل وخلف متجر كبير في برلين يفحص شابان يرتديان قبعتين «صوفيتين» ربط بهما كشافان صناديق القمامة بحثاً عن أطعمة لا تزال صالحة للأكل ويحملان على دراجتهما الخبز والخضروات والشوكولاتة ثم يرحلان وسط الظلام. ولم يكن الفقر الدافع الوحيد لأعداد متزايدة من الشبان الألمان مثل بنيامين شميت (21 عاماً) للبحث عن الطعام وسط القمامة بل أيضاً الاستياء إزاء اهدار الأطعمة وتقدر منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) الفاقد بثلث جميع المنتجات الغذائية في أنحاء العالم كل عام وتقدر قيمته بنحو تريليون دولار. وفي ألمانيا حيث ينتشر الوعي بالبيئة والتكلفة أضحى «توزيع الأغذية» أحدث صيحة ويستخدم الإنترنت لتبادل الأطعمة التي يتم جمعها من صناديق القمامة الخاصة بالمتاجر وهي لا تزال في حالة جيدة. وأضحت عمليات البحث في صناديق القمامة من أجل المهمشين في المجتمع ظاهرة سريعة النمو بين من تجمعهم افكار واحدة في اوروبا والولايات المتحدة ونباتيين لا يؤمنون بدفع قيمة الغذاء ويبحثون عن الغذاء في صناديق القمامة الخاصة بمتاجر كبرى منذ فترة طويلة. وانضم أكثر من 8200 شخص في ألمانيا لأنشطة توزيع الطعام عبر موقع ألماني على الإنترنت في غضون سبعة أسابيع من إطلاقه حسب المسؤول عن تنظيم الانشطة في برلين رفائيل فيلمر. وينصح الموقع الناس بأماكن وجود «السلال» وما تتضمنه ويمكن للاعضاء الدخول على الموقع او استخدام تطبيقات الهاتف الذكي لمعرفة عناوين السلال القريبة أو وقت ومكان التسليم ويمكنهم أيضاً فيما بعد تقييم العملية مثل المشترين العاديين عبر الإنترنت. ولمن لا يستطيعون الوصول للإنترنت أقام فيلمر أول «نقطة ساخنة» من عدة أماكن يأمل أن يوفرها حيث يتسن لاي شخص أن يحصل بنفسه على الطعام دون الكشف عن هويته من براد في سوق مغلقة في برلين. وقال فرانك (47 عاماً) وهو عاطل «جئت للحصول على خبز». واستدل على مكان وجود الخبز الطازج من الموقع على الإنترنت. وحصل على خبز من كيس كان يباع في مخبز قريب حتى السابعة من مساء اليوم السابق. وإلقاء الطعام ظاهرة في الدول الغنية ولكنه مشكلة في الدول الفقيرة. وتقول كاميليا بوكاتاريو خبيرة فاقد الغذاء في الفاو في روما إن ما يهدره المستهلكون في أميركا الشمالية وأوروبا بين 95 و115 كيلوجراماً للفرد كل عام مقارنة مع ما بين ستة و11 كيلوجراما في أفريقيا جنوب الصحراء وجنوب شرق أسيا. وتضيف أن التبرير الذي يسوقه المشاركون في توزيع الأطعمة بأن أطنان الغذاء التي تفقد في ألمانيا يمكن أن تطعم مواطني دول فقيرة ليس بالبساطة التي يبدو عليها إذ أن تقليل الفاقد يعني الحد من الموارد التي تستنفد في الدول المنتجة ما يحد من ضغوط رفع الأسعار. وصرحت بوكاتاريو لرويترز: «لا نهدر تفاحة فحسب بل الموارد التي استثمرت في هذه التفاحة ويمكن أن تستخدم في الإنتاج خارج أوروبا» ولا يقتصر الأمر على الخسائر الاقتصادية بل أيضاً التكلفة البيئية باستهلاك طاقة لزراعة مواد غذائية ينتهي بها المطاف في مقالب القمامة مما يؤدي إلى انبعاث غازات تسبب احتباساً حرارياً مثل الميثان. وتدرس منظمة الفاو كيفية تغيير هذا السلوك وما إذا كان هناك حاجة لتغيير تشريعات تاريخ الصلاحية التي تفرض على تجار التجزئة والتفرقة بين عبارتي «الافضل استهلاكه بحلول» أو «يستهلك قبل» والأخيرة تحدد تاريخًا قد يمثل الغذاء خطراً بيولوجياً بحلوله. وبدأ فيلمر ما اسماه «اضراباً عن النقود» منذ ثلاثة اعوام فلم يجن او ينفق يورو واحداً ويأكل هو وزوجته وطفله الطعام الذي يستخرجونه من صناديق القمامة فقط. وقد أضحي فيلمر (29 عاماً) ظاهرة إعلامية في ألمانيا وفي زيارة اخيرة اكتظت شقته المكونة من غرفة واحدة بطاقم تصوير فيلم وثائقي تلفزيوني ومراسل من صحيفة محلية.