بدأ إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ أحمد طالب بن حميد، خطبة الجمعة، بحمد الله والثناء عليه وتعظيمه وإجلاله واستغفاره؛ مذكرًا بأن الله لطيف بعباده المتقين الصابرين، وسع كل شيء رحمة وعلمًا، وخلق كل شيء فقدّره تقديرًا، وأحصى كل شيء ودبره تدبيرًا. ودعا إلى تقوى الله، امتثالًا لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون}، وقوله جل شأنه: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالًا كثيرًا ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبًا}. وقال: إن الله لطيف خبير، لطف بما يشاء لما يشاء إلى ما يشاء، وكان بخفي قدَره ودقيق علمه ببواطن خلقه ونفاذ حكمه، لطيفًا خبيرًا، نفَذ بلطفه في خلقه بلطيف خلقه إلى عامر العواصم فأخلاها، وشديد الأبدان فأرداها، وإلى عديد الجمع فشرده، ووفير المال فبدده، طاف على رقاب الجبابرة فأذلها، وصحيح أحوالهم فأعلها، وثابت أقدامهم فأزلها، طال البروج المشيدة، والجيوش المؤيدة، والنساك المتعبدة، والهتاك المتعربدة، درج إلى مدائن الأنفاس المتزاحمة، والأجساد المتلاحمة، فلا همس ولا لمس، كأن لم تغن بالأمس، وما ذلك إلا لأمر وقع منا، ولطف ارتفع عنا، فلا تظن أن العدو غلب، ولكن الحافظ تولى، لعلهم يتذرعون، لعلهم يرجعون، ولعلهم يتذكرون. وأضاف مذكرًا الناس بوجوب استغفار ربهم والتوبة إليه من كل ذنب: كثُف ران القلوب، فلطف بها علام الغيوب، وما كثف ضعف، وما لطف عنف، ليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين، وليعلم الذين نافقوا، وينتقم من الذين أجرموا، ويشفي صدور قوم مؤمنين، ويتخذ منهم شهداء، إن ربي لطيف بما يشاء، إنه هو العليم الحكيم. وأردف: فاتقوا الله حق التقوى، فمن يتقِّ الله يجعل له مخرجًا، ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، إن الله بالغ أمره، قد جعل الله لكل شيء قدرًا. وذكر أن الله لطيف بعباده، يلطف خفي الرزق بضعيف الخلق ولو كره الأقوياء، وينفذ دقيق اللطف لذليل العباد ولو امتنع الأعزاء، يرزق من يشاء وهو القوي العزيز سبحانه، يستقل كثير النعم على خلقه، وينمي قليل الطاعة من عبده، يجازيك إن أحسنت، ويعفو عنك إن قصرت، من خضع له أعزه، ومن افتقر إليه أغناه، أمره تقريب، ونهيه تأديب، وعطاؤه خيرة، ومنعه ذخيرة، ومجمع لطفه التعطف والتقريب؛ فهو القريب المجيب.