قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. أحمد بن طالب بن حميد – في خطبة الجمعة – الناس فيما نحن فيه قتلا وإفسادا , وإحياء وإسعادا , صنفان : أهل تكتم على الداء , وخلطة للأصحاء ونشر للوباء , فويل للمجرمين , وآخرون جعلوا نفوسهم دون النفوس على ثغور البلاد أو في أمن العباد أو في حياة الأجساد , فبشرى للمحسنين " من قتل نفسا بغير نفس أو إفساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا , ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ". وأضاف : اجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة , واغرسوا في دوركم رياض الجنة , واذكروا الله , وانشروا مصاحفكم واتلوا كتاب الله , وطوبى لمن كان ابتلاؤه اصطفاء , وخلوته للقلب شفاء , وعزلته تضرعا ودعاء , واعلموا أن النصر مع الصبر , وأن الفرج مع الكرب , وأن مع العسر يسرا , " واستعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين " , واصبروا وصابروا ورابطوا وأطيعوا من ولاه الله أمركم من العلماء والأمراء في طاعة الله , وقال : إن الله قد أنزل القرآن بلاغا وذكرى , وشفاء وموعظة وبشرى , قال الله تعالى : " هذا بلاغ للناس ولينذروا به , وليعلموا أنما هو إله واحد , وليذكر أولوا الألباب " , " يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين " , وقد وعظكم الله وعظا بليغا فدعاكم لما فيه حياة أرواحكم وأبدانكم , وأعلكم بأنه يحول بينكم وبين قلوبكم , وخوفكم يوما تحشرون فيه إلى ربكم , وأنذركم بين يدي ذلك فتنة تصيب صالحكم وطالحكم , وذكركم سابق عهدكم من قلة عددكم , وضعف عدتكم , وحذركم خيانة الله ورسوله , وخيانة أماناتكم , قال الله عز وجل : " يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنكم إليه تحشرون , واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب , واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون " , وضرب لكم في الحياة الدنيا مثلا تعقله الضمائر وتدركه البصائر , وشوقكم دارا سالمة من كل المخاطر. وأضاف : الله لطيف بعباده , يلطف خفي الرزق بضعيف الخلق ولو كره الأقوياء , وينفذ دقيق اللطف لذليل العباد ولو امتنع الأعزاء , يرزق من يشاء وهو القوي العزيز , سبحانه يستقل كثير النعم على خلقه , وينمي قليل الطاعة من عبده , وعلى قدر دقة اللطف دقة مأتاه , فهو الذي إذا ناديته لباك , وإذا قصدته آواك , وإذا أحببته أدناك , وإذا أطعته كافاك , وإذا عصيته عافاك , وإذا أعرضت عنه دعاك , وإذا قربت منه هداك , يجازيك إن أحسنت , ويعفو عنك إن قصرت , من خضع له أعزه , ومن افتقر إليه أغناه , لا يطلب من الأحباب وسائل الأسباب , أمره تقريب , ونهيه تأديب , وعطاؤه خيرة , ومنعه ذخيرة , ومجمع لطفه التعطف والتقريب , فهو القريب المجيب.