- ذكر فضيلة الشيخ الدكتور صلاح بن محمد البدير إمام وخطيب المسجد النَبَوِيّ في خطبة الْجُمُعَة اليوم أن كل مال يباع ويبتاع تمتد إليه الأطماع، وتشرئب له الأعناق، وترنو إليه عيون اللصوص والسراق، والسارق الفاسق يلتمس الغرّة، ويلمح الغفلة، ويرصد ويلاحظ، ومتى غفل الحراس والحفاظ والنظار والملاك عن أموالهم وثب عليها بالخفاء والاستتار، ولا يتسور البيوت الحصينة، ويهتك الحروز المنيعة ويكسر الأغلاق والأقفال الوثيقة، ويسطو على الجيوب ويشق الأكمام ويسرق التمور والزروع والثمار من حيطانها إلا فاسق شرير، ولص خائن مخادع مخاتل خبيث ملعون على لسان رسول الله صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه عن النبي صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ، يَسْرِقُ البَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ). وأَوْضَحَ فضيلته أن يد السارق يدٌ غاصبة معتدية أوجب الشارع قطعها وإبانتها ردَعَاً وزجراً ونكالاً وصيانة للأموال والممتلكات، فقال جل في علاه: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، وعَنْ عبداللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لاً يَحْلبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ امْرِئٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ، فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ، فَيُنْتَقَلَ طَعَامُهُ، فَإِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَاتِهِمْ، فَلاً يَحْلبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ). وَأَكَّدَ فضيلته أن إذا تاب السارق من سرقته وجريمته تاب الله عليه فيما بينه وبينه وأما أموال الناس فلا بد من ردها إليهم، فإن كان المسروق باقياً بحوزته لزمه أن يرده إلى صاحبه، أو بدله، أو قيمته، وثمنه، أو بالاستحلال منه. وفي الخطبة الثَّانِية، ذكر فضيلته أن من دخل منا معاشر المسلمين بلاد غير المسلمين بعهد وأمان منهم وهي التأشيرة التي تعطى له ليتمكن من دخول بلادهم حرمت عليه خيانتهم وسرقتهم، والاعتداء على أمنهم وأنفسهم وأعراضهم وممتلكاتهم، ومن سرق منهم شَيْئَاً وجب رده إلى أربابه لأنه مال معصوم؛ لِذَا لما هاجر النبي – صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إلى المدينة، أمر علياً أن يرد الودائع التي كانت عنده لقريش، والإسلام يأمر بالوفاء بالعهود والصدق في المعاملة وينهى عن الغدر والخيانة والعدوان. واختتم فضيلته الخطبة بالصَّلَاة وَالسَّلَام على أشرف الأنبياء والمرسلين دَاعِيَاً من الله عَزَّ وَجَلَّ أن يصلح أحوال المسلمين ويقوي عزائم المستضعفين، وأن ينصرهم بنصره، ويتقبّل شُهَدَاءهم، ويشفي مرضاهم، ويجبر كسيرهم، ويحفظهم في أهليهم وأموالهم وذرياتهم، وأن يفرج كربهم، ويرفع ضرهم، ويَتَوَلَّى أمرهم، ويعجل فرجهم، وأن يجمع كلمتهم يا رب العالمين. ودَعَا فضيلته: اللهم وَفق خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، واحفظ ولاة أمور المسلمين، وأعز بهم الدين، ووفقهم لما فيه خير للإسلام والمسلمين، ولما فيه صلاح البلاد والعباد يا رب العالمين، اللهم تُب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واغفر لنا إنك أنت السميع العليم، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، يا أرحم الراحمين.