كشفت رسالتان منفصلتان أُرسلتا في وقت متزامنٍ إلى مجلس الأمن الدولي خلال اليومين الماضيين عن تقدمٍ نسبيٍ لحركة "أنصار الله" الحوثية في اليمن وحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يقوده الرئيس السابق علي عبد الله صالح نحو قبول شبه كامل بجميع بنود القرار الأممي 2216 والقرارات الدولية الأخرى ذات الصِّلة بالأزمة السياسية والصراع المسلح في هذا البلد. رسالة الحوثيين تضمنت هذه الرسالة، التي حصلت بي بي سي على نسخة منها عبر وسيطٍ غربي، تأكيد الحوثيين التزامهم بمجموعة النقاط السبع أو ما سمي "مبادئ مسقط". كما جاء فيها "ندعو الأمين العام ومجلس الأمن إلى العمل على دعمها. مؤكدين من جانبنا الالتزام جنبا إلى جنب مع بقية الأطراف الأخرى بهذه النقاط السبع كحزمة واحدة، والتي تضمنت الالتزام بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالشأن اليمني بما فيها القرار 2216 وفق آلية تنفيذية متوافق عليها، ونحن نتطلع بأن القرارات ستكون عنصراً هاماً لأجندة المحادثات التي تتطلب الجدولة على مراحل من قبل الأممالمتحدة". وطالبت الرسالة مجلس الأمن الدولي بأن "يدعم الحل السياسي لأزمة اليمن والعودة إلى المحادثات دون شروطٍ مسبقة". رسالة الحوثيين، التي لم تتجاوز صفحة واحدة وذيلت بتوقيع الناطق باسمها محمد عبد السلام، تضمنت عرضاً موجزاً لما آل إليه الوضع الإنساني من تدهور في اليمن جراء الحرب والحصار المفروض عليه. رسالة حزب المؤتمر لم يختلف مضمون هذه الرسالة كثيراً عما ورد في رسالة الحوثيين. مسؤول كبير في الحزب كان أطلع بي بي سي مساء أمس على محتوى هذه الرسالة، الذي يتضمن قبولاً تاماً بخطة سلام ومفاوضاتٍ مباشرة غير مشروطة وفقاً للقرارات الدولية التي "ترفض الاستيلاء على السلطة بالقوة". لكن رسالة المؤتمر اشتملت على رؤية أكثر وضوحاً وتفصيلاً مما طرحه الحوثيون لكيفية الذهاب إلى حلٍ سياسيٍ جذري عبر "وقفٍ لإطلاق النار ورفع الحصار والتفاوض المباشر وصولاً إلى مرحلة انتقالية لا تتجاوز العام تنتهي بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية". مجلس الأمن الدولي كان المجلس أرجأ جلسةً مقررةً له يوم التاسع والعشرين من شهر سبتمبر/ أيلول المنصرم لمناقشة الوضع المتفاقم في اليمن حتى الأسبوع الحالي بناءً على طلبٍ تقدم به الحوثيون وحزب صالح لإتاحة الفرصة أمامهما لبلورة موقف أكثر إيجابية ومرونة. وقال سياسي يمني مطلع لبي بي سي إنه يتوقع أن يطلب مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد من مجلس الأمن الدولي مطالبة جميع الأطراف المتحاربة بوقف شامل لإطلاق النار لمدة شهر لتسهيل الاستجابة للاحتياجات الإنسانية لملايين اليمنيين بعد أشهر من الحرب والحصار، وبما "يساعد على تهيئة الأجواء للدخول في مفاوضات سلام". موقف حكومة هادي ورجح وزير في حكومة نائب الرئيس رئيس الوزراء اليمني خالد بحاح في اتصال مع بي بي سي أن لا يوافق الرئيس هادي والحكومة على مضمون رسالتي الحوثيين وصالح، معتبراً ما جاء فيهما "مجرد كلام غامض ومكرر لا يتضمن أي جديد". وأضاف أنه إذا أراد الحوثيون وصالح نهايةً للحرب فإن "عليهما القبول الصريح بجميع بنود القرار الأممي 2216 دون انتقاء أو التفاف على مواده" وأنه "إذا فعلوا ذلك فليتفضلوا إلى طاولة التفاوض للبحث في حلٍ سياسي للنزاع". ومع هذا، قال الوزير اليمني إن "اللجنة السياسية المعنية بهذا الملف قد تدرس هاتين الرسالتين إذا ما تلقتهما بشكل رسمي وليس عن طريق وسائل الإعلام". إجراءات بناء الثقة ويرى مراقبون للشأن اليمني أن انسداد الأفق أمام أي تسوية سياسية للنزاع على الرغم من حاجة معظم الأطراف إليها تعكس حالة الشك وانعدام الثقة بين فرقاء هذا الصراع. فالمبادرات "الإنسانية" التي قال الحوثيون إنهم اتخذوها لتأكيد حسن النوايا من خلال "إطلاق سراح ستة سجناء (ثلاثة سعوديين، وأمريكيان، وبريطاني، ويمنيان) بدت غير كافية على الإطلاق لدى حكومة هادي، حيث اتهم أحد مسؤوليها الحوثيين بمحاولة استرضاء الخارج وليس استعادة الثقة مع فرقاء الداخل. وقال إن الحركة ترفض "تسلم نحو تسعة وعشرين طفلاً" من مجنديها تم توقيفهم في عدن بالإضافة إلى نحو 700 طفل ومراهق آخرين محتجزين في تعز. وأشار المسؤول اليمني إلى أن حكومته "تعاني الكثير لتوفير الطعام والمأوى لهم" في ظل ظروف الحرب الراهنة.