لقد تعاونت الدول الاستعمارية والرأسمال الأوروبي الأمريكي والياباني على اجتياح الأراضي والشعوب، وقَبلت الدول المسيطرة نعتها بالقوى الإمبريالية علاقة مع هيبتها كقوة عظمى متمسكة بأهداب الفضيلة. وبعد حركات التحرر الوطني واختفاء الفاشية فقدت (الإمبريالية) هيبتها، وظلت مرتبطة بالسلب والنهب والسيطرة. ومراعاة للحساسيات السياسية الديمقراطية بالغرب ولتمردات العالم الثالث اتخذت الممارسات الإمبريالية لنفسها قناعاً، وظهرت لغة جديدة «أنظمة ما بعد الاستعمار والبلدان المتطورة والبلدان السائرة في طريق النمو»، إلا أن واقع الإمبريالية أصبح مطموساً أكثر. ففي عام 1917م حين دخل البريطانيون العراق جاء الجنرالات وكتائبهم، وكانت السيطرة على العراق حينذاك جزءاً من مخطط أكبر لتأمين الشرق الأوسط كطريق أوروبي إلى آسيا، وإعلان ذلك كان سيجرد قوة الاحتلال من سلطتها الأخلاقية الضرورية للنجاح؛ إذ إن الاحتلال يتطلب دوماً ليبدو بهيئة الواهب الصالح والمانح الوحيد لحياة أفضل و»حضارة» أفضل! لقد امتلك البريطانيون بالطبع مصادر قوة ومزايا يفتقدها الأمريكيون، جسّد إحداها تراثاً استعمارياً طويلاً تجذر في الالتزام بالاستطيان؛ فقد غادرت حشود ضخمة الجزر البريطانية لتسكن العالم، وبذلك أسهم هؤلاء المهمشون والمنبوذون في الوطن والرواد والمغامرون والقراصنة في الخارج في تكوين مصدر عظيم آخر للقوة من خلال «آليات» عمل حديثة، أثخنوا خزائنهم برأس مال يتضخم باستمرار، ورسخوا مركز بريطانيا كمصرف للعالم كله، والأهم أن البريطانيين آمنوا بأن إمبراطوريتهم فاضلة ونافعة وقوة حضارية، وبالمقابل يعاني الأمريكيون فقدان ذاكرة فكرة تاريخية وفكرية، وإحساساً بالإنكار حدًّا يبلغ الوهم المضلل. وبالرغم من إصرار الولاياتالمتحدةالأمريكية على العكس شهدنا للمرة الأولى في التاريخ البشري وجود إمبراطورية وحيدة، هي الإمبراطورية الأمريكية في بداية «القرن الأمريكي الجديد». إن الأمريكان (العسكر) منتشرون في مناطق جغرافية مهمة مثل الشرق الأوسط، وهم يؤمنون علاقات الشراكة الاستراتيجية عبر توفير الخدمات الدفاعية والمعدات الحربية والاستثمارات، وهذا ينطبق على إسرائيل التي تمثل هدفاً لمقت وكراهية الإسلاميين في الشرق الأوسط. - الرياض