خرج الجمعة أكثر من خمسة آلاف ناشط إسلامي في مسيرة سلمية للتنديد بإقدام قناة تلفزيونية تونسية على عرض فيلم إيراني مثير للجدل، تضمن مشاهد فيها "تجسيد للذات الإلهية". وإنطلقت المسيرة من جامع "الفتح" وسط تونس العاصمة، بعد صلاة الجمعة، وجاب المشاركون فيها شارع لندن رافعين الرايات السوداء التي ترمز إلى حزب التحرير الإسلامي الذي ينادي بالخلافة الإسلامية. وخلت المسيرة من الشعارات، حيث اكتفى المشاركون فيها بالتكبير "الله أكبر، الله أكبر"، فيما رفع البعض الآخر لافتات تضمنت شعار القناة التلفزيونية المعنية "نسمة تي في" وقد رُسمت عليه باللون الأحمر اشارة (x)، في إشارة إلى رفضهم لهذه القناة. ولم تُسجل خلال المسيرة التي إتجهت نحو وزارة الثقافة بمنطقة القصبة، حيث مقر الحكومة، أعمال عنف أو مواجهات مع قوات الأمن التي إنتشر عناصرها بكثافة في المنطقة، مزودين بالدروع وبنادق إطلاق القنابل المسيلة للدموع، إلى جانب الهراوات والعصي. كما شهدت ضاحية الكرم الغربي شمال تونس العاصمة، مسيرة مماثلة ردد المشاركون فيها عبارة "الله اكبر" و"تونس مسلمة"، علما أن بث الفيلم المذكور شكل الموضوع الرئيسي لخطبة الجمعة في العديد من المساجد حيث ذهب بعض الخطباء إلى حد إتهام المشرفين على القناة التلفزيونية المذكورة بالكفر، وطالبوا بمقاطعتها وإغلاقها، وبالتصدي لتوجهها الإعلامي الذي وصفوه ب "المشبوه". وتُعتبر قناة "نسمة تي في" ثاني قناة تلفزيونية خاصة في تونس، وبرأسمال تونسي-إيطالي، حيث يشارك فيه إلى جانب مديرها نبيل القروي وشقيقه كل من المنتج السينمائي التونسي طارق بن عمار ورئيس الوزراء الإيطالي الحالي سيلفيو برلسكوني. وكان ناشطون إسلاميون دعوا في وقت سابق إلى تنظيم "جمعة الغضب" للتنديد بإقدام قناة "نسمة تي في" على بث الفيلم الكرتوني الفرنسي- الإيراني "بلاد فارس" (Persepolis) بعد دبلجته إلى اللهجة العامية التونسية. وأثار بث الفيلم ليلة الجمعة-السبت الماضية إحتجاجات وأعمال شغب وعنف في تونس العاصمة وضواحيها،وعدد من المدن التونسية، حيث إشتبك المتظاهرون مع قوات الأمن بالحجارة والعصي. ويعيب المشاركون في هذه المظاهرات الإحتجاجية الذين ينتمون إلى تيارات إسلامية سلفية متشددة ،على القناة بتعمد بث الفيلم المذكور الذي يسيء للدين الإسلامي، بإعتباره يتضمن تجسيدا للذات الإلهية،على حد قولهم. وإنقسم الشارع التونسي بين مؤيد للمسيرات الإحتجاجية، ورافض لها، فيما لم يتردد أكثر من 130 محاميا تونسيا في رفع قضية عدلية ضد القناة التلفزيونية التونسية المذكورة إتهموها فيها بتعمد إستفزاز المشاعر الدينية للشعب التونسي. وقبلت النيابة العامة هذه القضية، حيث فتحت تحقيقا قضايا في الموضوع، فيما إستمع مساعد وكيل الجمهورية المكلف بالصحافة والإعلام بالمحكمة الإبتدائية بتونس العاصمة إلى أقوال نبيل القروي المدير العام لقناة "نسمة تي في" الذي كان قد سارع إلى تقديم إعتذار للشعب التونسي. وإعتبر القروي في تصريحات سابقة أن عرض قناته للفيلم المذكور "غلطة" لن تتكرر"، وأشار إلى أن "المسؤول عن خلية المشاهدة لم ينوه في تقريره عن الفيلم أنه يتضمن مشهدا فيه تجسيد للذات الإلهية". يشار إلى أن الفيلم الذي تمت دبلجته إلى العامية التونسية قبل عرضه، هو للمؤلفة والمخرجة الإيرانية مرجان سترابي، وقد سبق له أن حصل على جائزة مهرجان كان السينمائي في العام 1979. ويروي الفيلم قصة فتاة إيرانية من أسرة متحررة تعيش أجواء الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني التي أسقطت نظام الشاه عام 1979.