- أوضح الدكتور الشريف حاتم العوني أستاذ الشريعة بجامعة أم القرى وعضو مجلس الشورى سابقًا أن المحدثين بشر، وأن طرقهم للغزل فن من فنون الفكر اللغوي الواسع الذي كان يكتنزه هؤلاء الأعلام. وأشار في إجابته على إحدى المداخلات إلى قوة أدلة ووجاهة القائلين بجواز الغناء، وانتفاء الحرمة عنه، وعدم اعتراضه عليهم لما لتلك النصوص المستدلة من وجاهة وحقيقة لا ينكر على قائلها، لكنه أكد على عدم ميله الشخصي إلى هذا الرأي، وممارسته له واقعًا. وشدد العوني على تعلقه بالشعر وفنون الأدب، وأن مجال الشعر لا يتعارض مع الشرع وأخذ الحديث وتناول نصوصه، ومبادئ الجرح والتعديل، واصفًا من يجعلون الشعر من خوارم المروءة بالمتدينين خطأ. وقال الدكتور العوني في محاضرته بنادي مكة الثقافي الأدبي: إن إبراز جانب اهتمام أهل الحديث بالشعر وتحديدًا الغزل يصوب هذا الخطأ بين المتدينين، مبينًا أن السبب في طرح الموضوع هو الغيرة على أهل الحديث، وامتاع المستمعين بجميل شعر المحدثين، موضحًا أن طرق هذا الموضوع يصحح تصور بعض المتدينين أن الشرع يعادي هذا الفن الأدبي الرفيع، وأن العلماء والصالحين أبعد عن تناوله أو القول به. وسرد العوني مقتطفات ونماذج من أبيات غزل أكثر من (30) محدثًا، مختارًا في ذلك منهجًا على حسب الطبقات والوفاة، ابتدأها بالمحدث القاضي شريح وشعر غزله اللطيف في زوجته، مرورًا بأبيات الإمام الشعبي، والمحدث الإمام عبدالله بن مبارك، وعدد من أشعار المحدثين، متوقفًا طويلًا عند شيخ المحدثين أبي جعفر البغدادي مؤلف كتاب (مصارع العشاق). وفق "عين اليوم". وكان الدكتور حاتم العوني قد تطرق في محاضرته إلى عناية أهل الحديث باللغة العربية، وتمسكهم بها مفردات وإعرابًا وأساليب ومعاني، والدواعي التي ساقته لإلقاء الموضوع عن "غزل المحدثين"، مكتفيًا بشروط محددة لاختيار القصائد والأبيات الشعرية المطروحة في هذا الموضوع، ومنها الأبيات المنسوبة إلى المحدثين وقوة النسبة إلى من نسبت إليه، واقفًا في كل إشارة إلى عناية المحدثين باللغة، وما تطرقوا إليه من عبارات الجرح والتعديل التي عدها من صلب اللغة العربية. وشهدت المحاضرة التي أدارها الدكتور عادل باناعمة عددًا من المداخلات التي كانت مثيرة وأضفت على المحاضرة إمتاعًا وثراءً، ولم يتوقف العوني عند طرح الموضوع والرد على استفسارات الحضور والمداخلين، بل داعب الحضور بمقطوعاته الشعرية المغناة.