لقد كان قادراً كما يقال بالعامية ( يرد الصاع صاعين) لكنه أختار أن يكون رابحاً في نهاية المشهد. فمواقف الحساد شتى والخصومات لا تنتهي بما أنك تعيش بين عقليات ونفسيات بشرية مختلفة. والرابحون هم أولئك الذين تغاضوا ولم يجعلوا قلوبهم الصغيرة ساحات لمعارك شرسة ، وعقولهم محطات وهمية للانتقام المر ، بل عرفوا قدر أنفسهم العالي وخلصوا أرواحهم من تفاهات الحياة وامتثلوا لقوله تعالى { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ }. راغبين في نيل الأجر الذي وعدهم إياه الكريم المدهش بعطاياه. إن العفو والتسامح خلقان كريمان تحتاجهما النفس البشرية لتتخلص من الشوائب التي تتراكم في القلب وتشكل حصناً منيعاً يحجب عن صاحبه انشراح الصدر والاستمتاع بالحياة. وبالأخلاق تنقاد الأمم وتصلح شعوبها : إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا تذكروا دائماً ذلك الرجل الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم : "سيدخل عليكم رجل من أهل الجنة" ، كان يؤي إلى فراشه وليس في قلبه شيئاً على أحد من المسلمين، لم يكن ذلك إلا دليلاً جلياً على عفوه وتسامحه مع الأخرين.. قال تعالى (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ). كلنا نرتجي عفو الإله وصفحه فهلا عفونا عن خلقه؟ القرار بيدك والاختيار لك تربح أم تخسر؟ بقلم إيمان عسيري