✒من لطف الله تعالى بالخلق أن يجتمع عندك شرف المكان والزمان، فتعلو الهمم، وتتعاظم الأجور، (في مكة الحبيبة) فأيما أحدٌ اجتمعت في حقه النعمتين فمغبونٌ هو. فمكةالمكرمة مهبط الوحي، ومقر التوحيد، ومنبع الرسالة، فيها الحرمُ والآيات البينات، وهي قبلةُ المسلمين، وحبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، إليها يفد العبيد، وترتاح الأفئدة، ويُباع الغالي والرخيص، ومن زمزمها شفاءُ الليل، وفي روحانيتها الروحُ البهيج، وفيها ينظمُ البيت والقصيد: أَنَا لا أُبَالِي في هَوَاهَا مِحْنَةً أَوَّاهُ.. لَوْ أَنِّي فِدَاهَا أُصْرَعُ دَارُ التُّقَى، وَمُحَمَّدٌ مِنهَا أَتَى وَالمَنْبَعُ القُدْسِيُّ مِنْها يَطْلُعُ وَكِتَابُ رَبِّي أَشْرَقَتْ آياتُهُ في مَكَّةِ الأَمْجَادِ نُورٌ يَلْمَعُ بَلَدٌ إِلَيْها كُلُّ خَيْرٍ يَنْتَمِي وَالحَاكِمُ الجَبَّارُ عَنْهَا يُمْنَعُ وَالمَاءُ زَمْزَمُ، وَالحَطِيمُ مُبَارَكٌ وَمَقَامُ إِبْرَاهِيمَ آيٌ تَسْطَعُ وَالكَعْبَةُ الشَّمَّاءُ فِيهَا قِبْلَةٌ رَمْزُ الهُدَى لِلعَالَمِينَ وَمَنْبَعُ أَسْمَى مِنَ التِّبْرِ المُشِعِّ تُرَابُها بَلَدٌ طَهُورٌ بِالعَقِيدَةِ يَدْفَعُ قَدْ نَارَتِ الأَكْوَانُ مِنْ قُرْآنِهِ وَالجِنُّ تَقْرَأُ، وَالجِبَالُ تَصَدَّعُ فهذا في مكة، فكيف إذا اجتمع معها رمضان... فشهر رمضان، شهر الصيام والغفران، شهر الرحمة والرضوان، فيه أُنزل القرآن، وفيه تُقدرُ الأعمال في ليلة القدر والرحمات، تلك اللطائف الربانية التي لا يعرفها إلا من اجتمعت عنده رمضان ومكة، وبهذا الاجتماع تأكد تماماً أن نعم الله تحيطك وتبهجك. وأنت لا تفوتك عمرة في رمضان إلا أديتها، ولا صلاة تراويح وتهجد إلا أقمتها، ولا فك صيامٍ بشق تمرة وشربة زمزم إلا استحليتها، ولا عشر أيام إلا اعتكفتها. رمضان يا خير الشهور وخير بشرى في الزمان ومطالع الإسعاد ترفل في لياليك الحسان ومحافل الغفران والتقوى تفيض بكل آن ومجالس القرآن والذكر الجليل أجل شان فينبغي لمن تعاظمت له النعم أن يحمد الله ويجزل له في الثناء، فهو من علامات الرضا والقبول والدعوات المستجابات. فهنيئاً لنا المعشر المستطاب، والنوايا الخالصات، والأعمال الصالحات. فاللهم لا تحرمنا رؤية بيتك العتيق، وشرف الزيارة والترديد، اللهم اجعلنا من أهلها وخصنا بها في رمضان. إنك ولي ذلك والقادر عليه.