✒اختلفت الآراء في نسبة هذا القول لصاحبه: "لا تكرهوا أولادكم على آثاركم، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم" وأيًا كان القائل، فنحن نؤمن بالمضمون، ونراه رأي العين. كثير من الآباء منذ القدم يريد من أولاده أن يكونوا نسخة عنه في المأكل والمشرب، والملبس، وطريقة التفكير، والتعامل مع الناس، والميول والاهتمامات... هذا الأب أو هذه الأم في نظري عنده نزعة دكتاتورية؛ فهذا الابن إنسان خلقه الله بسمات شخصيّة، ووضع له ميولًا ونزعات. مهما حاولت لن يكون نسخة عنك، وما عليك إلّا التنازل عن كبريائك وجبروتك وإفساح المجال لشخصيته بأن تظهر. ولا نتحدّث عن الأصول الثابتة؛ فهذه أنت مسؤول عنها، وعليك توجيهه للصلاة والعبادات، وكن قدوة له في ذلك: - علّمه الحفاظ على الفروض، والتزوّد من النوافل. - كن قدوة له في قراءة القرآن، وكثرة الذكر. - خذ بيده لصلة أرحامك، وامش معه في طرق الخير. - اجتمع بأولادك واقصص عليهم قصص الأنبياء والصالحين والعلماء. - اشتغل بالعلم والذكر ليترسموا خطاك. - علّم ابنتك قيمة حجابها، وقيمة الستر للمسلمة. هذا ما سينفعهم في مستقبل أيامهم، ويظلّ هذا الباب مفتاح أجور لك في حياتك وبعد مماتك. لكن لا تزهق أرواحهم بالمحاسبة المقيتة، وتخنق أنفاسهم بالاستجواب الثقيل... صاحبهم وشجّعهم وثق بهم وحاورهم وعاملهم معاملة الأصدقاء تكسب ودّهم، وإن أخطؤوا فعندك عشرات الطرق التربوية لإصلاح الأخطاء غير الغلظة والتنفير ورفع الصوت؛ فهذه عن تجربة لا تجدي نفعًا؛ فما أسهل العناد على الشباب! وما أمتعه لقلوبهم الغضّة! وأخيرًا: لكم في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، إذ يقول: (إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ، وَيُعْطِي على الرِّفق ما لا يُعطي عَلى العُنفِ، وَما لا يُعْطِي عَلى مَا سِوَاهُ) رواه مسلم. ويقول: (يَسِّرُوا وَلا تُعَسِّروا، وَبَشِّرُوا وَلا تُنَفِّرُوا) متفقٌ عَلَيْهِ. ويقول: (مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ يُحْرمِ الخيْرَ كُلَّهُ) رواه مسلم. إنّهم أجمل استثمارات الحياة، فاستثمروا في عقولهم وقلوبهم!