منذ أن خرجت من أرضك وتواريت عن عيني وأنا أتقد شوقاً لك يامكة.. اشتقت لنسيم صباحك، لضوء شمسك، لهديل حمامك، لحر جوك واعتداله وتقلبه، اشتقت لكل أحيائك ولشوارعك، وجبالك و لكل بقعة فيك ، كل شيء* فيك اشتقت له. كأن الكون يا مكة كله من فضة وأنتي من ذهب، كأن البلدان كلها قاحلة وأنتي فقط فيك* الربيع، عيني لاترى سوى جمالك أعميتي بصري عن سواك وتمكنتي من قلبي فلا أطيق العيش في غيرك وأي أرض مثل طهر أرضك وقداسة مكانتك،، أواه يامكة يا روح الطهر كم أنا مشتاقة لأتنفس هواك وأطأ ثراك وأطوف بالبيت الحرام وأسقي قلبي من ماء زمزم ماء النقاء والشفاء، أواه يامكة فقد مزقني الحنين وأشقاني الأنين* أنام على شوق وأتقلب على جمر الصبر، وصدق شاعرنا العشماوي حين قال: يا ارض مكة في رحابك راحة تمحو عن القلب الحزين اساه شوق تضج به مواطن لهفتي يارب بلغ من يحب مناه فعلا لقد ضجت مواطن لهفتي، وزلزل كياني الشوق وأتعبني البعد وطول المسافات، أعد الأيام وأمد سجادتي وأدعو الله* لتمضي هذه الأيام والليالي مثل ضوء البرق ويردني الله إليك يا راحتي ومرادي وبغيتي. لست في بعدك سوى قلباً ممزق وروحاً متعبة وجسداً منهمك، لست سوى دموع تصرخ من ضجيج صامت!! يا موطني يامكة الحبيبة.. أنا مابين حنين وأنين ومابين شوق ولهفة، أتكأ على عكاز التجلد حتى أبصر جبالك الشامخة وأردد ماقاله الشاعر عبدالله الحميد: حضور في الزمان وفي المكان وعنوان لإيلاف الأمان وذاكرة لفلسفة التحدي ومفرزة لتاريخ الرهان رحابك قمة الطهر، التجلي وضوؤك - في الحياة - الفرقدان ضممت الأنبياء، فكنت أمنا ومقبرة لبطش العنفوان مثابة خائف، وظلال حق وميزان العدالة كل آن هنا يا مكة ثقة وصدق وميثاق لعهدك بالضمان هنا الحرم العتيق، وكل ركن تدثر في قداسته - اليدان تقبل صفحة الحجر العلا وتمسح صفحة الحجر اليماني تضيء لك الرحاب بكل رحب وتمنحك الصفاء المروتان هنا في مكة الإسلام يسمو وتشرق في سماحته المعاني ومن لا يشتاق لك يا أرض الحرم ياروح الأمل تتسابق الخطى نحوك كل يريد أن يحظى بالحياة والموت فيك. مكة.. يا حببيبة قلبي يادعوة إبراهيم عليه السلام اشتقت إليك. ويأخذني الشوق إليك فلا أشعر إلا بدمعات الحنين تنساب على وجنتي فأكففها وأهتف بصوت قريبا سأعود واقبل الفرح هكذا هو الظن بعلام الغيوب واللطيف الخبير.