* ✒ الإتكال على الظاهر في التعرف على الناس والتعامل معهم دون أن نتفحص ونتمحص ونعرف مخابرهم قبل مظاهرهم خطأ وقع فيه الكثير منا فالناس جواهر لا مظاهر، والزمن وحده من يعرفنا بمعادن الناس، فمنهم من يصدأ في فترة وجيزة ومنهم من يأخذ فترة أطول ومنهم من معدنه ذهبا لا يصدأ مهما مر عليه الزمن المعرفة والتعارف شيء جميل فالإنسان بطبيعة الحال كائن اجتماعي يحب الاحتكاك والاختلاط والتعايش والاندماج مع بني جنسه وهذا شيء طبيعي وجميل، والتعارف بين البشر قد يولد في لحظة ويستمر ويتطور بسرعة ويقود إلى علاقات اجتماعية متنوعة، فهناك من نعرفهم من خلال المناسبات المختلفة وهناك من نعرفهم عن طريق الأصدقاء المشتركين وهناك كذلك من نعرفهم بالصدفة فهذا نلتقيه في المقهى وهذا في الشارع أو في السوق وهذا في الطائرة أو في مكان السفر وفي وقتنا الحاضر أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي أهم منصات التعارف بين البشر رغم اختلاف الأجناس وتباعد الأوطان تختلف درجة التعارف ومقدار تطورها فهناك معرفة سطحية وهناك معرفة عميقة ومتجذرة ولا تكون إلا للخاصة وتتبلور أكثر بمرور الزمن ، الخطأ في أي معرفة وتعارف هو أن نعطي الثقة للآخرين ونحن لا زلنا في طور المعرفة السطحية نتيجة لقدرة هذا الآخر على التملق والتظاهر بالمثالية أو لتمترسه خلف هالة من الحضور أين كان نوعه رسمي أو اجتماعي أو ثقافي أو علمي وجهلنا بنظرة من حوله له وتقييمهم الأخلاقي لدوره في التعامل مع من عرفوه لمدة تستحق أن تكون فترة تقييم حقيقية. هذا الموضوع كان محل اهتمام الحكماء والعلماء ومن خبروا الحياة ولهم رؤيتهم لمعرفة معادن الناس فقد قيل أن معدن الناس لا يعرف إلا عند الغضب أو السفر أو عند من تعامله مع من يخالفونه في الرأي أو مع من أساء إليه، فمن أقوال الفلاسفة في هذا الجانب: تُعرف أخلاق ومعادن الناس في خمس: الغضب، والتعامل في المال، والتعامل مع الجيران، والسفر، والخصومة!* وأعتقد أن الزمن أكبر كاشف لحقيقة الناس وخاصة من نتعامل معهم..*قيل أن رجلاً شهد عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه بشهادة فقال له عمر: لست أعرفك ولا يضرك أن لا أعرفك، جئني بمن يعرفك فقال رجل من القوم أنا أعرفه قال بأي شيء تعرفه قال بالعدالة والفضل*فقال له عمر أهو جارك الأدنى الذي تعرفه ليله ونهاره ومدخله ومخرجه*قال لا، قال*فمعاملك بالدينار والدرهم اللذين بهما يستدل على الورع*قال لا، قال*فرفيقك في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق*قال لا، قال لست تعرفه ثم قال لرجل ائت بمن يعرفك ! أختم بما قاله الأمام الشافعي عن الشدائد التي تكشف معادن الناس: جزى الله الشدائد كل خير وإن كانت تغصصني بريقي وما شكري لها حمداً ولكن عرفتُ بها عدوي من صديقي.