لانعجب لوعلمنا أن لبني عاصوف مضارب ومغاني ومسارح، ولانتفاجأ لو ثبت لنا أنهم كما يقال (نقّالة عمود)كما يفعل البدو الرّحل. غير أن تنقلاتهم وهجراتهم غريبة عجيبة، ولايصدقها إلا من رأهابعينه فهم لايتنقلون إلا بين القنوات من خلال الفضاء وموجات الأثير، لأن فيها أماكن خصبة للرعي، ولأنها تسوّق لهم بضاعتهم في كل دار ٍوفي كل سوق وفندق وكل مقهى ومنتزه. ولعل بضاعتهم المزجاة وذات الدمغات الغربية والتي يسوقونها ويدعون لها، هي التي تثير الغرابة والعجب، فالبضاعة لاتُلمس باليد ولكنها تُسمع وتُرى .. والخاسر هو مَن يشترى، فهو يشتري تاريخاً مشوهاً عن أمته وأرضه ومجتمعه بل يشتري تاريخاً كذبامسخاً وضيعا. تاريخاً لايمجد فوق أديم الأرض التي تئن تحت وطأة سماء فضائهم الأماجد والقادة والعلماء والفضلاء، ولا العادات الكريمةوالقيم الحميدة، والثوابت الدينية السامية التي تدعو للخير والسلام والعفة. والشرف والرقي. إنهم لايفتأون يجعلون من المجتمع العربي المسلم الكريم، مجتمعاً ساقطاً دعاته زناة ورجاله ونساءه خائنون، المتجاورون فيه يتربصون ببعضهم في الأعراض والقيم والشرف ...ثم يسوقون للناس أن هذا ماكان عليه الأباء والأجداد في المجتمع، و قد كان مجتمعاً منفتحاً بريئاً، قمعته الأزمات في فترة من الفترات، ويجب أن يعود كما كان... قبل تلك الفترات الجائرة العصيبة. لاريب أن من يشتري من بني عاصوف بضاعةً، يصبح بعد شرائه لها تاجراً يحلق معهم في الفضاء لكنه يخسر كل شيء فوق أرضه التي نشأ عليها .. من دينٍ وخلق ومبادئ وانتماء، فتجّار البضاعة أنفسهم خاسرون إن لم يعودوا عودة صادقة ويهبطوا بسلامٍ فوق أرضهم، وبين أهلهم وذويهم، فيستعيدوا ماافتقدوه من ثوابت ومسلّمات وقيم... وليتهم يتركون شراء الأفكار البائسة من متاجر أهل التغريب ولايبيعون ويشترون إلا من متاجر أهلهم وقومهم ومجتمعهم فوق أرضهم التي هي أرض فضيلة وطهر وصفاء ونخوة ونقاء ووفاء.. ليتهم يفعلون ذلك وأدعو لهم قبل أن يغادروا إلى رب السماء حين تحين ألأجال ..وتنقضي الأعمار وتنتهي الأعمال ويبتدئ الحساب ..فتُرفع الصحف وتجف الأقلام. رافع علي الشهري