هب أن متسوقاً جاوياً (قبل دخول الإسلام إلى اندونيسيا) اشترى من تاجر عربي بضاعة ما، ولم تُعجب أهل بيته فأعادها إلى التاجر فما الذي سيفعله العربي مع زبونه الاندونيسي؟ أكيد سيقبل عودة البضاعة وإعادة النقود مع ابتسامة عريضة لأن من صفات التاجر العربي السماحة في البيع والشراء. هذا ما تقوله كتب التاريخ ويؤكّده الرحّالة القُدماء، لدرجة قيل ان أهل جاوا وما جاورها وبلاد البنغال وبعض بلدان أفريقيا دخلوا الإسلام بسبب التعامل الراقي من قبل التجار العرب المسلمين. ما علينا، ذاك تاريخ قديم مضى وانتهى. علينا بالحاضر وكيف يتعامل اليوم التاجر العربي المسلم والتاجر غير المسلم؟ دعوني أذكر لكم في البدء تجربة أدهشتني في أول زيارة لي لأمريكا في نهاية السبعينيات من القرن الماضي. لي صديق من بلادنا يدرس هناك وبالتحديد في مدينة سياتل أقصى شمال غرب الولاياتالمتحدةالأمريكية اشترى طقم كنب وبعد ثلاثة أيام أعاد صاحبنا الطقم للمتجر والسبب أن زملاءه تندروا على اللون وعدم تناسقه مع بقية أثاث الشقة ولون جدرانها. كنت معه حين أعاد الطقم وقد شعرت بالحرج الشديد وقتها، لكنني دُهشت حين استقبلنا (رجل المبيعات) بكل بشاشة وترحاب سائلاً زميلي عن سير حياته في أمريكا. تم قبول الطقم وإعادة المبلغ على "داير مليم" دون تذمر أو تردد. جرّبوا أن تعيدوا أي بضاعة مشتراة لتعرفوا كيف يتعامل البائع في هكذا حالة. البائع هنا وافد يأخذ تعليماته من (المعزّب) السعودي. وهذا الأخير يُصر على مبدأ (البضاعة لا تُرد ولا تستبدل). لا أدري هل هذا المفهوم إنتاج محلّي أم وافد علينا؟ حول هذا التعامل التعسفي يقول الرئيس التنفيذي لجمعية حماية المُستهلك في حديث لهذه الجريدة نُشر بتاريخ 5 أغسطس الحالي إن (جمعيته) بعد أن رصدت تجاوزات قانونية كبيرة في الأسواق المحليّة مخالفة لما يتم بالأسواق الدولية بعدم رد واستبدال البضائع، رفعت للجهات الرسميّة المُختصّة (من هي ؟) "مقترحاً" لإصدار نظام خاص يُحدد المدة الزمنية المُتاحة للمستهلك والشروط الخاصة لإعادة واستبدال البضائع والمبيعات بالسوق السعودي. أقول: كلام حلو ولو أني في شكّ من قدرة (جمعيته) على حماية المستهلك، والدليل هذا الفلتان في تزايد أسعار معظم السلع والبضائع. في سياق الخبر يُسمي الرئيس التنفيذي المقترح (نظام جديد) ثم يتداخل مُحلل وباحث اقتصادي فيسميه (تنظيم جديد). فهل هو مقترح أم نظام أو هو تنظيم؟.. ارسو لكم على بر حتى نعرف روسنا من رجلينا وبالتالي نستطيع إعادة البضائع بقوّة عين.