قبل أيام وأنا أوقع مجموعتي القصصية "لاوجه لنصفي" في معرض جدة للكتاب، لم أكن أحتفي بكتابي* بقدر احتفائي بهذه التظاهرة الثقافية وهذا الحضور الأدبي الكبير، والذي يشكل موسما* جامعا لمختلف الأفكار وحاضنا لمختلف المعارف الإنسانية الأمر الذي يبعث في نفس الزائر والمشارك في هذا المعرض شعورا بالبهجة والسعادة. معارض الكتاب أصبحت تقليدا عالميا له أهميته لدى كثير من الدول وأصبحت الكثير من هذه المعارض تقام بشكل دوري ومنتظم في مدن بعينها بحيث أصبحت من سمات هذه المدن وتنسب إليها، كما أن هذه المعارض في تطور مستمر من حيث المستوى التنظيمي والمحتوى الثقافي ونسبة الحضور وغيرها من الجوانب وهو الأمر الذي لوحظ في معرض جدة للكتاب هذا العام، والذي يشير مستوى التنظيم والحضور فيه إلى وجود بيئة ثقافية حاضنة تدرك قيمة الكتاب وتقدس العلم والمعرفة الأمر الذي تجلى بوضوح من خلال الاهتمام الزائد بهذا المعرض والحرص على هذا التطور الملموس الذي يشهده من عام لآخر. من وجهة نظري ككاتبة وناشرة في ذات الوقت فإن هذه المعارض من الأهمية بمكان لدى الكاتب والناشر على حد سواء، فهي فرصة لتبادل الخبرات والتجارب بين دور النشر المختلفة ناهيك عن الفائدة الاقتصادية العائدة على هذه الدور من خلال مبيعات الكتب، وأيضا الجانب الدعائي المرافق فأغلب دور النشر تجد في هذه المعارض فرصة لطرح ما لديها والتعريف بنفسها في الأماكن والدول التي تقام فيها هذه المعارض وبين الجمهور الحاضر فيها خاصة عندما يكون هذا الجمهور كبيرا ومن مختلف الدول.. كما أن الكُتاب على مختلف مشاربهم وتخصصاتهم يجدون في هذه المعارض فرصة للاحتفاء بمؤلفاتهم وإشهارها وتداولها من خلال منصات التوقيع وكذلك الندوات والفعاليات المرافقة لهذه المعارض. ومن جانب آخر فإن هذه المعارض تعد ربحا ثقافيا ثمينا للقُراء والباحثين فهي تجعل مختلف الكتب والمعارف في متناول أيديهم، وتخلق مساحة للنقاشات والحوارات بينهم وبين الكُتاب من خلال الندوات واللقاءات المختلفة، وتعد فرصة للتعارف وتعزيز العلاقات والروابط الثقافية والأدبية بين الأفراد وكذلك المؤسسات المشاركة. ختاما أريد أن أنوه إلى فائدة عظيمة لمستها خلال تواجدي في معرض جدة للكتاب هذا العام، فبالإضافة إلى تعزيز قيمة الكتاب لدى المجتمع فقد لاحظت أن المعرض يستقطب جميع الفئات العمرية ووجدت اهتماما كبيرا من أغلب دور النشر في طرح كتب خاصة بالأطفال الأمر الذي يشجع هذه الفئة العمرية على القراءة وهذا ما تحتاج إليه مجتمعاتنا لينشأ جيلا قارئ مثقفا واعيا يساهم في بناء مستقبل وطنه مساهمة فاعلة ويكون محصنا ضد الأفكار الدخيلة والمتطرفة.