رغم أن قرار قيادة المرأة للسيارة يعد واحدًا من أهم القرارات (التغييرية) التاريخية التي تمس مفاصل مسيرة المجتمع السعودي إلا أن تلك الردود من قبل البعض التي كانت أشبه (بالطقطقات) لافتقادها للمسوغ الشرعي مثيرة للاستغراب..! « 1 » .. وهذا يجعلني أتساءل: هل كان حجم هواجسنا ومخاوفنا أكبر من الموضوع؟ أم أن القرار جاء في مرحلته ووقته؟ في ظني أن الاثنين معًا، شيئًا من هذا وشيئًا من ذاك. « 2 » .. ولن أدخل في الجوانب الشرعية ولا في الآثار المترتبة (إيجابًا أو سلبًا)، ولكني أصطف إلى جانب هذا المجتمع وأتحدث من داخله، عنه. « 3 » .. وقبلًا، ثمة أسئلة تحاصرني: لماذا هذه الهبة (الصماء) في وجه كل مستجد؟ لماذا الرفض المطلق المتسرع؟ لماذا لا نخضع متغيراتنا لمنظور الشرع والعقل والمصالح..؟ « 4 » .. حقيقة لم أجد من إجابة محتملة -مع الأسف- إلا سوء الظن بالمجتمع وعدم الثقة به، فنحن نحاكمه (بالتجريم) و(بالتخوين) المسبق ونتعامل معه كمجتمع شرور أكثر مما هو مجتمع فضيلة ولذلك نصده ونغلقه (بسد الذرائع) المبني على درء المفاسد قبل جلب المصالح..!! « 5 » .. وأحسب أننا مررنا بمرحلتين كان لهما الأثر في صياغة ردة الفعل المجتمعي، الأولى.. في بداية العهد وذلك سببه الجهل، والثانية.. بعد حادثة جهيمان حيث تداخلت في (ذهنية) الكثيرين الأعراف الاجتماعية والأحكام الشرعية..!! « 6 » .. في التسعينيات قابلت رجلًا فاضلًا في الرياض هو أب لثلاث طبيبات، كان يتحدث عن بدء تعليم البنات وهواجس الرفض والاعتقاد بأن البنت إذا خرجت من بيتها سيكون السفور والفجور في الشارع وإذا ما فكت الحرف فستتراسل مع الخبثاء..!! « 7 » .. وقبل سنتين في أحد المجالس كان الضيف التنويري المبرز يتحدث في قيادة المرأة عن الاصطفاف عند إشارات المرور وعن البنشر والمساقطات.. أنها تشبه ذات (الطقطقات) التي نتداولها اليوم..!! « 8» .. وقبل أيام كنت مع الصديق الاستاذ سليمان الزايدي الذي رأس أول لجنة أمسكت بملف قيادة المرأة تحت قبة الشورى.. قال لي: تلقينا العديد من العرائض ومنها عريضة وقعها أكثر من ثلاثة آلاف مواطن ومواطنة وحين استأنسنا برأي المختصين الشرعيين لم نجد نصوصًا شرعية للممانعة وإنما هي هواجس للبعض من سلبيات التطبيق. « 9 » .. أعرف أن الكثير من الأمور ستمضي وستتحول إلى (عادية)، لكن بقي أن أقول: هذا المجتمع مجتمع خير، أحسنوا الظن في مجتمعنا وفي نسائنا، فمحزن أن نصور المرأة على هكذا فحش..!!.