في البدء لابد من تقرير حقيقة أننا نملك في هذه البلاد حائط صد قوي وأول ضد ما يعترض أمن الوطن، أنه هذا الشعب الذي يعتبر أمن وطنه خطًا أحمر لا يسمح المساس به أو حتى الاقتراب منه..!! «1» .. أما الحقيقة الثانية فإن من الإنصاف لهذا الشعب هو تأصيل هذا الوفاء وارتباطه بما يملكه في دواخله من مقومات مواطنة صادقة وليس بسبب مؤثرات خارجية. « 2 » .. نعم جزى الله مشايخنا وعلماءنا ومثقفينا وأصحاب الرأي من توجيه ومن رسائل وعي وتنوير.. لكن الشعب كان يقول: (لا) من داخله وليس بفعل ضغوط أو مؤثرات أخرى. « 3 » .. لقد تابعت عبر مواقع التواصل الاجتماعي ردود أفعال أولئك العامة البسطاء، وحرصت على رصد تفاعلات تلك الشرائح العامة في مجالسها وأحاديثها ووجدتها فعلا تحمل عقيدة وطنية صادقة لا تقبل المزايدة ولا يضرها أو يضيرها من غوى وضل. « 4 » .. عند هؤلاء الوطن مجموعة قيم وليس مجموعة مصالح، والمواطنة هي روح الأرض وليست مجرد رقم نحمله في جيوبنا، ولذلك فإن أغلب هؤلاء الناس ينتمون إلى الطبقات العامة البسيطة الكادحة وليسوا من أولئك المتنفذين أو المتنفعين أو المتاجرين بالمصالح الوطنية..!! « 5 » .. وما حدث بالأمس من ردة فعل عظيمة لهذا الشعب تجاه ما يعرف بحراك 15 سبتمبر يؤكد أصالة الانتماء وحقيقته وصدقه بعيدًا عن المزايدات والمجاملات وبعضهم حتى كان يقول: (لا) وهو لا يعرف غير ما يسمع عن حراك 15 سبتمبر. « 6 » .. إعلامي عربي قال لي هنيئًا لكم بهذا الشعب إنه لم يزل يحمل شيئًا من إرث وصايا الأرض المباركة.. ثم أردف قائلًا: أغلب مصائبنا في الوطن العربي أن انتماءاتنا تحكمها المصالح فهي دائمًا (على حرف) فإن أُعطوا منها رضوا على من أعطاهم وإن منعوا سخطوا على الوطن..!! « 7 » .. صور الوفاء لم تكن وليدة حراك 15 سبتمبر لكن في كل الأزمات يقدم شعبنا حقيقة انتمائه بشكل يثير الدهشة.. هذه الحقيقة التي جعلت أمريكا تقول: (أمن المملكة نعمة) بعد أن أدركت ما يتمتع به شعبها من أصالة انتماء. « 8 » .. نعم الأمن نعمة «من بات آمنا في سربه..». ولقد أرخيت السمع للكثير من الحيثيات لما كان ما يدور خلال الأيام الماضية فوجدت أن هذه الفيوض من العواطف الوطنية تتماهى مع هواجس التحذير من انفراط الأمن وأن نعمة الأمن التي نعيشها مردها بعد توفيق الله هذا الشعب وهذه الدولة وتلك متلازمتان يجب أن تبقى. « 9 » .. بقي أن أقول مثل هذا الشعب يستحق منا كل عناية ورعاية.