تماشيا مع رؤية المملكة، فقد تم إنشاء الهيئة العامة للترفيه، والتي تهدف إلى توفير الترفيه لجميع أفراد المجتمع. حيث يوجد تقصير في تلبية الحاجات اليومية للمواطن وأسرته، ليس فقط في احتياجاته الترفيهية، بل في احتياجاته الثقافية والتربوية والتعليمية، فالمواطن بحاجة إلى مكان قريب في حيه، يذهب إليه هو وأسرته، يلبي كل هذه الاحتياجات، ولنلق نظرة على نماذج من الدول الغربية، وكذلك بعض دول الخليج، ففي كل حي تُخَصص حديقة بها مركز اجتماعي، يقدم خدماته لقاطني الحي بأسعار رمزية أو مجانية، ففيه صالة رياضية، تمارس فيها أنشطة لجميع الأعمار وخاصة الأطفال، ويوجد بها بركة سباحة، تعلم السباحة للصغار، كما تتوفر بها قاعة متعددة الاستخدام، يؤجرها أهل الحي بسعر رمزي، يقيمون فيها مناسباتهم، وغيرها الكثير من الأنشطة في بلدي ما يقوم بهذا النشاط المشابه هو مركز الحي وشتان بين المركزين. قامت وزارة الشؤون الاجتماعية مشكورة بإنشاء مركز الحي؛ لكي يخدم سكان الحي، وانبرى من كل حي صفوة شبابه، ممن لا يرفع شعار (نفسي ومن بعدي الطوفان)، بل يرفع شعار (خيركم، خيركم لأهله) ويرى كل الحي أهلا له، ويحرص على مصالحهم ومصالح أبنائهم. واستبشر الجميع بهذا القرار التاريخي لوزارة الشؤون الاجتماعية، وهو بالفعل حل عملي لإيجاد بدائل لاستثمار الطاقات، فأهل كل حي هم أدرى بشعابه، وما هم بحاجته من أنشطة. ولنر ما هي إنجازات هذه المراكز: قدمت هذه المراكز مشاريع عملاقة، بالمقارنة مع ميزانياتها المتواضعة، واجتهدت أن تصل أنشطتها لكل بيت في الحي، ولمختلف الأعمار والفئات، وتميزت اللجان النسائية وكعادة نسائنا، في الإبداع بتنوع الأنشطة، وتلمس الاحتياجات، ومحاولة سد الفراغ. وبالفعل حققت مراكز الأحياء أرقام حضور عالية؛ لأنها تتميز بأن أهل الحي هم الذين يقدمون هذا النشاط، وهم يتطوعون لإنجاحه، ويحرص أهل الحي على حضوره. وحين تزور هذه المراكز يفاجئك عظم إنجازاتها، مقارنة مع تواضع مقراتها، ولقد سعدت بالتعاون مع بعض مراكز الأحياء، في مناطق مختلفة من بلادي، ولمست عن قرب أناسا مخلصين. لكن للأسف يواجهون بمعوقات فوق مستوى التحمل، تجعل البعض منهم ييأس، ويقرر ترك هذا العمل التطوعي. من المعوقات التي يواجهها القائمون على مراكز الأحياء: 1 البيروقراطية القاتلة والمحبطة، حيث تلزم وزارة الشؤون الاجتماعية كل مركز، أن يحصل على موافقتها قبل تقديم الأنشطة، لذا يقدم المركز خطته السنوية للوزارة، وتحدد تاريخا معينا في بداية السنة لتقديم الأنشطة، وصدقوا أو لا تصدقوا ربما تأتي لهم الموافقة بعد 8 أشهر، حيث لم يتبق على السنة إلا أربعة أشهر، وهنا يفقد الجميع حماسه للعمل، وخاصة أن معظم العاملين هم من المتطوعين والمتطوعات، وحتى الموظف يحصل على راتب رمزي مقارنة بالجهود والأنشطة التي يقوم بها. 2 الميزانية شعار الميزانية لمراكز الأحياء هي: لله يا محسنين. فالميزانية من وزارة الشؤون الاجتماعية تأتي قليلة ومتأخرة. لذا يقع العاملون في كل مركز في حرج سؤال المحسنين، فإن كانت الوزارة في وقتنا الحاضر وفي الظروف الراهنة، لا تستطيع توفير ميزانية كافية لكل مركز، فلماذا لا تقوم بعمل آلية مع رجال الأعمال؛ بحيث تكون كل مجموعة رجال أعمال، ملزمين بتوفير احتياجات كل مركز، وتحسب هذه المساعدات من ال ١٪ المسؤولية الاجتماعية للشركات. أو تخصم من زكاة ماله، كما في الغرب يستطيع الإنسان أن يتبرع للمؤسسات الخيرية من ضرائبه. 3 المقرات على الرغم من أن قرار وزارة الشؤون الاجتماعية، في فتح مراكز الأحياء قد تم زمن الطفرة الاقتصادية، إلا إنه للأسف لم تقدم مقرات لتلك المراكز. فمعظم مراكز الأحياء هي بيوت قديمة مستأجرة من المحسنين من أهل الحي. تتوقف الأنشطة فيها وقت الأمطار؛ لأن معظمها تتسرب الأمطار لمبانيها، وكذلك في الحر الشديد، التكييف ضعيف، ولا يمكن عمل أنشطة لعدد كبير من الناس. فبالله عليكم كيف لبيت مستأجر، أن تقام به أنشطة رياضية أو ترفيهية لأفراد المجتمع؟! الأحياء الفقيرة، والتي ليس بها أثرياء ليحسنوا عليهم بمقر لمركز الحي، يقوم المحسنون من الأحياء الأخرى بالتبرع لهم. لأنهم يؤمنون أن أفضل طريقة لكف يد أبناء الأحياء الفقيرة من أذى الآخرين، تكون بإشغالهم بما يفيد . لحل مثل هذه الإشكالية: لماذا لا يقدم مبنى نموذجي في كل حي ذي مساحة عشرة آلاف متر، وإن كان هناك مشكلة في توفير الأراضي، فمن الممكن تخصيص أحد حدائق الحي، ويُبنى مبنى نموذجي نصفه للرجال، والنصف الآخر للنساء، يفتح أبوابه مبكرا من الصباح إلى المساء، ويُبنى به مركز رياضي، وبركة سباحة وملاعب لأولادنا، ويخدم جميع أفراد المجتمع، بمن فيهم كبار السن، وبالتعاون مع القطاع الخاص، لتغطية نفقاتها، ويكون المركز مشابها لمركز الملك سلمان، وتسلم هذه المقرات لمراكز الأحياء، خاصة أن القائمين على مراكز الأحياء منظمون إداريا، ومنضبطون ماليا، ويصل الفساد لديهم إلى الصفر، بل انعدم الفساد لديهم، والكثير منهم قد نالوا ثقة الدولة وكرموا، وقدمت لهم الجوائز، وليس لدى القائمين عليها أي توجه فكري أو سياسي، لديهم هم واحد فقط، وهو كيف يرتقوا بمجتمعاتهم تربويا، وكيف يحمون النشء الجديد من الإرهاب والمخدرات. فلم لا يدعمون؟ لماذا يحبطون؟ لماذا يا هيئة الترفيه لا توفرين لنا الترفيه اليومي الذي نحتاجه، عبر دعمك لمراكز الأحياء؟ أسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه صلاح العباد والبلاد. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.