قرية صغيرة ،بيوتاتها الحجر والطين تقبع في أدغال تهامة الباحة . تخنقها الجبال ويخنقها الظلام والفقر والجهل والتخلف. .. إنها الحالة المستنسخة من زوايا كل القرى التهامية ..!! (1) .. تدور رحى الزمن سريعاً ..سريعاً ،تتساقط الأحجار، يذوب الطين،يغيب وجه القرية،وتنتصب مدينة من النور والإسفلت والعمائر الحديثة . .. محافظة الحجرة سابقت الزمن وسابقت حتى خيال أهلها . .. تلكم هي حكاية الحجرة .. المكان ..!! (2) .. وللحجرة .. الإنسان.. حكاية أخرى لاتقل غرابة. .. كان إنسان الحجرة بسيطاً ، عفوياً ، فقيراً يواجه الحياة بحوكه (مئزر) ونصف جسد عارٍ. ولايملك فك الحرف إلَّا من خلال فقيه القرية . .. لكنه كان يملك روحاً وإرادة قاومت قرص الشمس والسيل والجبال .. .. إنها ذات الصورة المستنسخة لكل تهامي ..!! (3) .. يدور الزمن سريعاً .. سريعاً ،تستدير الحياة،وتستدير معها الرؤوس والنفوس ويتحول إنسان الحجرة إلى مشكاة من نور. ..هنا المهندس ،والطبيب،والمعلم ، والداعية ،والمثقف ، والضابط . .. هنا جيل النهضة وصناع المستقبل . .. إنها حكاية إنسان الحجرة ..!! (4) .. ومابين الحكايتين ..الإنسان والمكان تبرز معادلة الأثر والتأثير. إنه التوافق مابين المكان والإنسان،ومابين الإنسان والإنسان ..!! (5) .. إنسان الحجرة متوافق مع مكانه إلى درجة الارتباط المطلق . المكان عنده جزء أصيل من انتمائه العام . .. عند هؤلاءلاتنال من حجرتهم،ولاتحرمها حقوقها واستحقاقاتها . .. وعند هؤلاء الحب هوأن تمنح المكان حباتِ عرقك ..!! (6) .. وفي توافق الإنسان مع ذاته ومع الآخر ،تسمع حالة ممسوقة القوام .!! (7) .. كنت في مجلس ضم محافظ الحجرة د. فيحان العتيبي، وشيخها سعد الطيار وعدداً من وجهائها، كان الحديث لساعتين كله عن الحجرة ،ماذا تم ؟ وماذا سيفعلون ؟ .. شدني ذلك التوافق وتلك الحميمية وهذه الروح المشعة.!! (8) .. أدركت هنا سر هذا التسارع نحومطالع الشمس . وعرفت كيف ؟ ومتى ؟ ومن ؟ يحوِّل الأحلام حقائق على الأرض ..؟!!