أكاد أجزم أن أعداء الآمة الإسلامية,لا يتمنون زوال الجماعات الإسلامية المتطرفة من بين ظهراني المسلمين,حتى وإن لحق بهم بعض الضرر منهم, كالخطف والترويع وبعض المناوشات فالجماعات المتطرفة تسعى لإسقاط ولاة الآمر فيها مهما كان صلاحهم واعتدالهم,وهذا يفرز التفلت الآمني ,وذهاب السلطان, مما يُسهل الطُرق لكل طامع وحاقد,أو كل مستغرب أو مستعمر بغيض,وإن كان هؤلاء الآعداء يعلمون علم اليقين أن مصلحة شعوبهم أن يعم الآمن والرخاء كل بلاد العالم لينعكس عليهم بالاستقرار الاستراتيجي والاقتصادي والسياحي والثقافي والاجتماعي...لكنهم يؤثرون على أنفسهم هذه المصالح في سبيل تفرق المسلمين وتناحرهم!! إنهم يدركون تماما أن استقرار الشعوب الإسلامية وأمنها,يفرز التألف بينها والتناغم,فيولد القوة والاتحاد والتأزر ضد الطامعين في خيراتها أو في ديارها, وهذا هو مكمن الخطر الذي يهدد أمن إسرائيل ويهدد وجودها في بلادالمسلمين,وهي حبيبتهم المطاعة! ولاريب أن إعلامهم الذي سخروه لخدمة مصالحهم واستفادوا منه قد ركز على قضيتين في غاية الآهمية,حتى أستطاع أن يجني ثمارا يانعة,تمتليء بها سلته التي لاتنقطع الثمار عنها ,في كل المواسم,وهما: 1- الغزو الفكري التغريبي المكثف, والمركز على الشعوب الاسلامية عامة والعربية خاصة,وذلك لصهر ثوابتهم وتذويب هوياتهم وتمييع معنوياتهم وتركيع هممهم وتشويه تاريخهم وتقزيم أمجادهم ولإنتقاص اسلافهم وتحقير افذاذهم المعاصرين, وتعتيم أمالهم وطموحاتهم!!! ولقد حققوا الكثير من خلال هذا الغزو الفكري المنظم,فقد استطاعوا أن يستقطبوا أراذل هذه الآمة ورويبضاتها ورعاعها ليكونوا طابورا خامسا,يسبّح بحمدهم ويقدّس لهم,وينشر فكرهم العقيم ويدعو له عبر وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة,بحجة التجديد والانفتاح وحرية الرأي ! 2- التركيزالإعلامي الدعائي على (فوبيا الجهاد المشروع) وأن كل دفاع عن النفس أو عن الوطن إرهاب وتطرف مع عدم التمييز المُتعمّد بين التطرف الحقيقي وجهاد الدفع,وأن كل من حمل السلاح ليدافع عن حمى وطنه من المعتدي الغاصب يعد إرهابيا متطرفا يجب محاربته والتعاون على القبض عليه حيا أو ميتا. ولا ريب أنهم قد استفادوا كثيرا من الحركات الإرهابية الحقيقية التي تحدث في بلاد المسلمين من تفجيرات واغتيالات واعتداءات على الآمنين من المواطنين والمقيمين والمعاهدين,بدعوى نصرة الاسلام والمسلمين فوظفوها في صالح قضاياهم,وجعلوها ضمن أجندتهم الرئيسة لخطة الهيمنة الفكرية والاستعمارية! ولم تكن هذه الدعايات الإعلامية ضد الارهاب والتطرف تخدم المستعمرين القدامى والطامعين في بلاد المسلمين لعدم توفر الوسائل الاعلامية التي تصور لهم العالَمَ بأسْره بمُدنه وقراه وبأفراده إنْ شاءوا بالصوت والصورة والحدث مباشرة..ولو كانوا يمتلكون شيئا من هذا لسمعنا عنهم العجب العجاب.. غير أن الآمر لله عز وجل من قبل ومن بعد, وهو المتصرف في ملكه وهو العزيز الحكيم,وهوسبحانه الذي يدفع الناس بعضهم ببعض. بيد أن قوى الهيمنة الغربية بإعلامها المتمرس والخاضع لإستخباراتها وسياساتها, قد استغلت الجهاد في افغانستان في الثمانينات, ودعت اليه, ورفعت عنه مفهوم الارهاب وصورته أمام الناس بأنه دفاع عن النفس وأنه لطرد المحتل الروسي الطامع في أفغانستان! وكان هذا الاستغلال من أجل طرد الاتحاد السوفيتي من أفغانسان, ومن أجل إضعافه عسكريا واقتصاديا,ومن أجل أن يحل الغرب محله كما هو الواقع اليوم! لكن المسلمين الافغان ومن كان يعاونهم من المقاتلين لم يستغلوا شيئا من هذا لصالحهم أبدا,بل أساءوا لقضيتهم ولآمتهم,فلم يكن للحكمة والسياسة والدراية والتأمل بينهم نصيب,فقد كان بعض المسؤولين الاميركان يزورونهم ليقفوا على بعض المنجزات وليقووا العلاقات, فكان البعض من قادة الجهاد يترفع عن مصافحتهم واحترامهم وقصة زيارة الرئيس نيكسون لهم مشهورة ومعروفة,فقد مد يده لمصافحة أحد أكبر القادة الآفغان المجاهدين,فقال لاأتشرف أن أمد يدي لك وأنتم من استعمر القدس الشريف, ولكن إعلم أن الجهاد هنا من أجل القدس وليس من أجل افغانستان فحسب,وإننا سائرون إلى هناك وهذا الذي حدا بالرئيس نيكسون أن يحذر في مذكراته الشهيرة من المسلمين فيقول(إن لم يتحد الغرب ضد المسلمين وإلا فإنه سيدفع الجزية عن يد وهو صاغر)! لقد كان الاجدر بهذا القائد أن يكون فطنا مؤدبا ينزل الرجل منزلته ,فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم حسن الخلق والتعامل مع الكافر حين يخاطبه ,لقد كان يقول للوليد ابن المغيرة (هل فرغت ياابا الوليد) وهو يعلم أن هذا يسره,وكان يخاطب قيصر الروم(الى عظيم الروم)! وأما حين توجه الوفد الافغاني الى اميركا ودخل البيت الابيض,وبادر زعيمه بالقول للرئيس الاميركي(اسلم تسلم يؤتك اجرك مرتين) فقد استغلها الغرب واستغلتها الصهيونية العالمية والماسونية أسوأ استغلال لتشويه صورة المسلمين وأنهم متطرفون متشددون,وقد نشرت الصحف الامريكية والاسرائيلية هذه الآحداث, فصفق بعض البسطاء من المسلمين لها وظن أنهم ينشرونها اعجابا من شموخ المسلمين وأنفتهم وهم لم ينشروها إلا لتكون دعاية تشوية وازدراء... لقد قال المتنبي: ووضع الندى في موضع السيف بالعلا مضر كوضع السيف في موضع الندى. وأما أحداث11 سبتمبر فقد كانت,مفصلية وكانت ذات نقلة نوعية, أتت للمتربصين بالاسلام أكلها,وصبت في صالح المستفيدين من تشويه صورة المسلمين,فزادت الاعداء بغضا للاسلام وأهله,وزادت المستغربين استغرابا وتمردا, وإن كنت لاازال أشكك في صحة الصاقها بالارهابيين المحسوبين على الاسلام! غير أن من نتائجها العاجلة, التي لم تقبل حتى التأخير: 1- أن أُحتلت أفغانستان بعدهذه الاحداث مباشرة,بحجة محاربة الارهاب والارهابيين والقبض على بن لادن والملا محمد عمر زعيم طالبان,واعتقال المتهمين بالارهاب وأخذهم لمعتقلات (قوانتانامو) لإرهابهم وإرهاب العالم الاسلامي ولتهويل أعمالهم في نظر المجتمعات قاطبة,حتى لاتسول لاحد من الناس أن يدافع عن وطنه وعن أرضه حين يستعمرهاالمستعمرون,وحتى تُمحى فكرة الجهاد المشروع من عقول الناس أو تضعف ويخفت بريقها, فهم لم ولن يقدروا على ازالتها من كتاب الله..فعمدوا لدعايات(فوبيا الجهاد والاسلام)! 2-وكان من نتائجها احتلال العراق والعبث فيه طويلا وتسليمه لآعداء الآمة من الصفوييين والصهاينة. 3- تكميم أفواه الكثير من علماء المسلمين ووجهائها عندالتحدث عن الجهاد وأهميته للامة عند الحاجة اليه, كما هو مطلوب في سوريا هذه الايام,لآن القوم قد نجحوا كثيراوأحرزوا الكثير من الدعاية الاعلامية بما يسمى (فوبيا الجهاد المشروع) فارعبوا المسلمين حتى عن الدفاع المشروع,عن النفس والمال والعرض والوطن!!!!!!!! رافع علي الشهري [email protected]