لم تكن بداية الثورة في فرنسا وأوروبا بشكل عام سوى رد فعل عنيف ضد هيمنة الكنيسة وتقاسمها السلطة والمال مع الحاكم السياسي والإقطاعيين خلال ما يعرف بالعصور المظلمة حيث كان عامة الشعوب يعملون كالعبيد في الإقطاعيات في الوقت الذي يتوسلون فيه قساوسة الكنيسة لمنحهم صكوك غفران الرب ! ليس هذا فحسب بل لقد فرضت تلك الظروف على علماء التنظير الفلسفي والاجتماعي تعمقا كان داعما لثورة العمال ، ولم تكن نظرياتهم فقط امتدادا لفكر الفلاسفة الإغريقيين امثال افلاطون وسقراط وأرسطو بل كذلك كان للفكر الاسلامي دورا مهما في تاسيس اصولها ، ولكن ربما كان لعقدة العصور المظلمة دورا في اسقاط الاشارة الى مصادر تلك الاصول الاسلامية بل والذهاب بعيدا في تحييد الاديان السماوية حد التطرف في الفكر العلماني والليبرالي القائم في المجتمعات الاوروبية مع بقاء حرية الفرد في التدين والاعتقاد 0 الان وبعد ان تجل واقع العصور المضلمة الاوروبية في ما يعرف بانحطاط العصور الاسلامية ، وبعد ان اثبتت الفلسفة الجهادية فشلها في العصر الحديث والمتمثلة في الحركات الاسلامية عبر شبكاتها المختلفة من طالبان والقاعدة الى السلفية المتطرفة ، وبعد ان اجج "الربيع العربي" الشعوب الاوروبية والامريكية والاسوية لتفريغ كبتها احتجاجا على فشل النظام الراسمالي في تحقيق رفاهيتها المزعومة 00 هل تعيد الاحزاب العربية الاسلامية في تونس والمغرب ومصر لفلسفة الاسلام الوسطية المعتدلة مكانتها بعد ان قدمتها صناديق الاقتراع الى الواجهة امام العالم ؟ وهل يثبت أولئك للتاريخ ان المنهج المعتدل القائم على العدل والمساواة وحق الانسان - رجل وامرأة - في التعبير والمشاركة في القرار ونظرة الاسلام الصحيحة للحرية ؟ وهل تثبت الايام العربية القادمة للغرب حقيقة الجذور الاسلامية في العلمانية بعد ان بالغ في انحرافها نحو "المطلق " ؟!