لاتصفو الحياة ولاتصلح المعيشة ولا تتحقق العبادة إلا بالآمن وألامان,لهذا كان الآمن هو المطلب الآول لآبي الانبياء ابراهييم عليه السلام,حين اسكن زوجته وابنهما اسماعيل عليه السلام بمكة قال تعالى(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [البقرة:126] فقد قُدّمَ الآمن على الرزق, فالرزق سيتحقق بإذن الله إذا عمّ الامن, وقال نبينا صلى الله عليه وسلم ((\" من أمسى معافى في بدنه آمناً في سربه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها \". رواه الترمذي وقال حديث حسن ووافقه الألباني. ولا ريب أن الله قد ضمنَ هذا الآمن لمن عَبِدالله حقا وأمن به ولم يشرك به شيئا,وعمل الصالحات.. والعدل من الاعمال الصالحة قال تعالى( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الفاسقون) النور55)! ولا جدل أن الفتن الداخلية لآي بلد من البلدان هي أخطر عليه من الاعتداءات الخارجية,وأن الطابور الخامس المصطف بين الطوابير هو المُزعزعُ الرئيس للكيان الذي يَدّعِي انتمائه اليه,ولكن لاريب أن المؤدلَجينَ عقديا من خارج الحدود هم الاشد خطرا على أوطانهم الاصلية إذا ماكانت الآدلجة من البدع الكبرى في الدين,وكانت البدعة مسيسة تأسيسا عِرْقيا وهوى عنصريا,كالصفوية الفارسية التي خَلطتْ الحقد الفارسي على العرب الفاتحين بالتشيع الذي يَدّعي نصرة أهل البيت ضد الصحابة وأهل السنة قاطبة بدعاوى المظلومية لفاطمة وعلي بن أبي طالب وأبنائهما رضي الله عنهم! وأكاد أجزم لو أن الشرفاء الاحرار من الشيعة العرب تأملوا كثيرا في التاريخ الفارسي الصفوي المترابط منذ سقوط دولة الاكاسرة على يد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وحتى اليوم,وقرأوا التاريخ الصادق الذي لم تمسّه أيادي الفرس,لعرفوا الحقيقة الغائبة ..ولربما أصبحوا هم المحامين الآقوياء ضد الفكر الفارسي الصفوي الذي تؤججه ايران باسم التشيع ونصرة اهل البيت وولاية الفقية!! لكن المشكلة تكمن أن هؤلاء الشرفاء الاحرار قد غُيبوا تماما عن معرفة الحقيقة,فالمعممون قد استطاعوا غسل أدمغة العامة سواءا كان حرا شريفا أو كان خائنا متّبِعا موتورا,حتى اصبح لديه قناعة مُسلّم بها أن الباطل لايأتي هؤلاء المعممين لامن بين ايديهم ولا من خلفهم وأن الحق يجري على السنتهم حتى وإن خالفت اقوالهم النقل والعقل والمنطق والبرهان! لهذا نجد أن الشيعة وعبر التاريخ الطويل سرعان ما ينحازون إلى أي مستعمر خارجي يقوض الدولة السنية ويستبيحها ويبدل امنها خوفا,إن لم يكونوا هم المنظمين والمدبرين له الدخول, ولا فرق لديهم في كون هذا المستعمر يهوديا أو نصرانيا أو من أي ديانة أو طائفة...على ألا يكون مسلما سنيا, حتى وإن كانت توجهاته الفكرية السياسية ومنطلقاته البراغماتيه تعارض مذهبه الاصلي,لخشيتهم من عودته لجذوره العقدية الآولى,ولا أدل على هذه الحالة من الآستعمار الحالي للعراق! ومن تتبع التاريخ الاسلامي ومراحل التأمرات الشيعية ضد الدول الاسلامية سواءا ماكان قبل اسماعيل الصفوي(892ه-930ه) أو بعده,ليجدنَّ أنهم أشد الناس بغضا وكرها لآهل السنة والجماعة,فما فعله ابن العلقمي(593ه-656ه) وزير الخليفة العباسي المستعصم,من تأمر خطير وجُرم عظيم لاينساه التاريخ ولاتنساه البشرية فضلا عن العرب والمسلمين قاطبة,ذلك العار الذي اكتوى المسلمون به ولا زالت أثاره تجري مع أمة الاسلام اينما جرتْ وتحل معها اينما حلّتْ,فاستباحة التتار لبغداد عدة أشهر وقتل أكثر من مليوني مسلم وقتل علماء أهل السنة مرة واحدة,وسبي نساء وبنات الخليفة ونساء المسلمين, وإحراق الموروث الديني من الكتب والمخطوطات,وإغراق الكثير منها في نهري دجلة والفرات...كل هذا انعكس وما زال ينعكس على أمة الاسلام التي جنى عليها تأمرُ الرافضي ابن العلقمي والعالم الشيعي الشهير نصير الدين الطوسي مع هولاكو الذي غزا بغداد وبلاد الشام وعثا فيها قتلا وسبيا وتدميرا واستباحة للاعراض والاموال والممتلكات!!! فكم من كرامةٍ أهدرتْ وكم من فضيلة ذابت وكم من امرأة أُنتهكَ عرضها وكم من طفل ولِدَ سفاحا وكم من عالِمٍ قُتلَ وكم من كِتابٍ علمي مفيد أُحْرقِ؟؟وكم من رِجَالٍ من رجالات السنّة وأبطالها أُغتيلوا بدماء باردة,لا لشيء إلا لآنهم مسلمون موحدون وعلى كتاب الله وسنة رسوله سائرون..كل هذه الخسائر بأسباب العلاقمة المتأمرين الذين مافتئوا يتأمرون على أوطانهم وحكامهم وبني جلدتهم,وهاهم على ظهور الدبابات في العراق يسرحون ويمرحون وهاهم في ميدان اللؤلؤة البحريني يتظاهرون وفي الكويت ينددون! بيد أن الثقة العمياء التي أضفاها بعض الحكام السنّة عليهم جعلتهم يستغلونها ويدلفون من خلالها,وهذه من الاخطاء العظمى التي أدخلتْ الآمة في الانفاق المظلمة بدخول المستعمرين وانفلات الآمن وانفراط العقد الذي يجب أن يُحافظ عليه السلاطين المسلمين,بتشمم العابثين.. وعلى رأسهم العلاقمة أجمعين! ولعلنا نذكر جيدا مدى حرص الخلفاء الاوائل على استتباب الآمن في الدولة الاسلامية الكبرى والمترامية الاطراف,والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه شق الصف وتفريق الآمة والتأمر مع الاعداء على غزو البلاد الاسلامية واستعمارها ! فهذا الخليفة العباسي والمؤسس الحقيقفي للخلافة العباسية أبو جعفر المنصور رحمه الله,حين شمّ من أبي مسلم الخرساني الذراع القوي للدولة العباسية,والقائد الشجاع ووالي خراسان المطاع رائحة التمرد والتعنصر الفارسي لاجداده الاكاسرة وشمَّ رائحة التشيع الفارسي,أمَره بأن يصبح واليا على مصر بدلا من خراسان التي تواليه وتطيعه طاعة عمياء,فرفض ذلك بحجة انه في خراسان أقدر على بقاء الدولة العباسية والطاعة للخليفة ابي جعفر المنصور! لكن الخليفة الحازم الذكي لم يفْلته من المتابعة فأرسل اليه بالحضور ليشاوره في أمور تهم الدولة,وتلطّف في رسالته,وتردد ابو مسلم لكنه استشار صديقه الفارسي(نيزك) الذي قال له اقتل ابا جعفر المنصور غدرا واعلن الخلافة وليبايع الناس من شاءوا,فدخل عليه وقد جهز خنجرا مسموما,لكن الخليفة قد أمر الحرس بتفتيشه قبل دخوله عليه,فلما وجدوا الخنجر المسموم, القوه أمام ابي جعفر الذي أمر بقتله في الحال رغم توسله! ولآبي جعفر وصية طويلة لابنه وولي عهده المهدي يوصيه فيها بالتقوى والعدل والحزم ومن هذه الوصية قوله(يا بنى: احفظ محمدًا ( فى أمته، يحفظك الله، ويحفظ عليك أمورك، وإياك والدم الحرام، فإنه حوبٌ (إثم) عند الله عظيم، وعار فى الدنيا لازم مقيم، والزم الحدود، فإن فيها خلاصك فى الآجل، وصلاحك فى العاجل، ولا تعتد فيها فتبور، فإن الله تعالى لو علم شيئًا أصلح منها لدينه وأزجر عن معاصيه لأمرٍ به فى كتابه. واعلم أن من شدة غضب الله لسلطانه، أنه أمر فى كتابه بتضعيف العذاب والعقاب على من سعى فى الأرض فسادًا، مع ما ادّخر له عنده من العذاب العظيم، فقال: (إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) [المائدة: 33]. فالسلطان يا بنى حبل الله المتين، وعروته الوثقى، ودينه القيم، فاحفظه وحصنه، وذُبَّ عنه، وأوقع بالملحدين فيه، وأقمع المارقين منه، واقتل الخارجين عنه بالعقاب، ولا تجاوز ما أمر الله به فى محكم القرآن، واحكم بالعدل ولا تشطط؛ فإن ذلك أقطع للشغب، وأحسم للعدو، وأنجع فى الدواء)! وأما حفيده الخليفة العابد المجاهد هارون الرشيد رحمه الله فقد فتك بالبرامكة فتكا وأزال سطوتهم وتسلطهم ونفوذهم بعد أن توغلوا في مفاصل الدولة الاسلامية,وأصبحوا أهل الرأي والحل والعقد,لمكانتهم من الخليفة هارون,إذ أن يحيى بن خالد البرمكي كان مربيا لهارون وقد أرضعته زوجته مع ابنه الفضل بن يحيى,فما أن شمّ هارون رائحة العِرق الفارسي الذي ينتمون اليه ومحاولة ابعاد الآمين ابن العربية الهاشمية من ولاية العهد لتكون للمأمون ابن الفارسية حتى بدأ يتشمم ما وراء ذلك من تبعات,فكان اطلاق البرامكةِ أحدَ الخارجين الفرس على الخليفة هارون سرا من السجن سببا ورافدا من التراكمات التي جعلتْ هارون يقضي على كبرائهم ويصادر اموالهم وممتلكاتهم خلال يوم واحد,لسرعة الانجاز ولآخذ الحيطة والحذر من اتباعهم,لهذا شوه الفرس سيرة هارون ووصموه بالمجون وهو العابد الزاهد المجاهد الذي ما ازدهرت دولة الاسلام اكثر مما كانت عليه في عهده رحمه الله! وكان عبدالرحمن الداخل (صقر قريش) والذي بنى دولة الاسلام في الاندلس حتى اصبحت محط انظار العالم وأصبحت جامعة للعلوم الاسلامية والطبيعية لقرون عدة.. يقول(لاتقوم دولة الاسلام الا بالحزم والعدل معا,والذب عن الملك فيها كما يُذبُ عن العِرض)وكان يقول وهو يبكي ويَحْكم بالاعدام على الخارجين عليه المتأمرين من أبناء أشقائه(لن تستقيم لنا دولة الاسلام هنا إلا إذا كان المُلك عقيما)أي لايحابي قريبا أوبعيدا على حساب أمن الدولة والاسلام! وماأشبه هذه الحقبة التي نعيشها بأيام ابن العلقمي وأبي مسلم والطوسي وغيرهم من المتأمرين الموالين لغيرهم على حساب أهل السنة والجماعة,ولكن هل نجد حزما وعزما من أهل الحل والعقد والرأي والبصيرة,كما وجِدَ لدىَ أبي جعفر وهارون وصقر قريش,وعلماء وأعيان تلك الفترات المخلصين,الذين لم يألوا جهدا ولم يدخروا وسعا لكبح جماح الفتن ودفنها في مهدها قبل أن يستفحل أمرها؟أم أن ثقة الخليفة العباسي المستعصم في وزيره ابن العلقمي عادت من جديد لتنبعث في أفئدة بعض من عفا وتساهل وصفح عن العلاقمة الجدد كحسن مشيمع وكوهين الكويت(محمود حيدر) وغيرهما من الجاحدين الموالين لايران الصفوية؟! إنني لأجزم أن يعيد التاريخ لآمتنا أحداث دخول هولاكو بغداد,ودخول اميركا العراق واحتلال الغرب لافغانستان,إن لم يتشمم الساسة والقادة والمخلصون,العلاقمةَ الجدد كشمّ الرشيد للبرامكة وشمّ أبي جعفر المنصور لابي مسلم الخرساني..غير أن الداخل في هذه المرة هي دولة ايران الصفوية الفارسية,وأماالمستعمرات فهي دول الخليج العربية (حماها الله وحرسها بعينه التي لاتنام)!!!!! [email protected]