منذ فتح العرب المسلمون بلاد فارس , وزوال حكم الأكاسرة , جرس الانذار بات يدق لاستنهاض الفرس ليس باستعادة سيطرتهم على العرب واستعبادهم , فذلك بات مستحيلا ومغامرة محكوم عليها بالفشل , لعدة أسباب منها , أن العرب المسلمين الفاتحين لم يكونوا بوارد استلاب حكم ولا إقامة دولة عظمى بالمفهوم :الكسروي أو القيصري , بل لم تشن حروب من قبل المسلمين إلا بعد أن نكل حكام الامبراطوريتين الغربية "القيصرية و الشرقية "الكسروية , فكانت ترسل الاستغاثات من الأقليات الاسلامية التي دخلت الاسلام ,وبعد أن سمعت ورأت بام عينها كيف نقل الاسلام العرب من عبادة الأوثان والأوصنام لعبادة الله الواحد الأحد و وكيف ساوى الاسلام بين السادة والأشراف والعبيد , فاضحى لافرق بين اي منهم إلا بالتقوى , فلماعاد منهم من عاد من رحلاتهم التجارية , بالبلدان التي دخلت الاسلام , تعرضوا عند عودتهم للتنكيل والعذاب , فوصلت أنباؤهم لحاضرة الاسلام . من جانب آخر ارتدت قبائل عن الاسلام بالجزيرة العربية , فصمم الصديق ؛ أبو بكر رضي الله عنه أن يدفعوا زكوات أموالهم , بعدأن متنعوا عن إخراجها مع أنهم دخلوا الاسلام , فارتد زعماء تلك البلدان عن الاسلام وتحالفوا مع غير المسلمين , وانتهت الأمور بأن رفرفت راية الاسلام وتم وأد فتنة المرتدين وإلى الأبد . جاءت الأنباء للفاروق عمر أن مسلمين ببلاد فارس ينكل بهم ليس إلا أنهم أسلموا وكانوا من بسطاء الناس ومن العرب الذين كانوا تحت سلطان فارس ونفوذها , وأرسلت لهم البعوث والرسل , فمااستجابوا , ولا الجزية ارتضوا , فماكان إلا حماية المسلمين بزوال حكم عبدة النار , ليكون الأمر كله لله. تأملوا معي عداوة الفرس لسيدنا عمر بن الخطاب , فمن اغتاله كان مجوسيا فارسيا , كان يعيش بأرض الاسلام عند مولاه المغيرة بن شعبة ولم يكرهه أحد على الاسلام . تدور عجلة الزمن ويخلف عثمان رضي الله عنه عمراً, وجاءت بأواخر خلافته بواكير الفتنة , بحجة أن عمرا لم يشأ ان يسمي عليا رضي الله عنه خليفة بعده , وباعتقادهم أن عمرا هو من أجبر عليا على مبايعة أبو كر الصديق , فوجدوا من ضعاف النفوس ومن المنافقين الذين ترعرعوا بخراسان والبصرة والكوفة , وقتلوا عثمان رضي الله عنه ,لتنتقل الخلافة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه , وحصل ماحصل بينه وبين معاوية بحجة أن قتلة عثمان لاذوا بجيش علي , فكان معاوية رضي الله عنه من قرابة عثمان وهو واليه على الشام , كما كان بعهد عمر رضي الله عنه , فرفض البيعة لعلي قبل أن يسلم قتلة عثمان , فانقسمت الأمة لفريقين أو فئتين , وكان هذا قدر أراده الله , ومع هذا لم يكفر أحد أحدا , واعتبر الأمر أن طائفة بغت على طائفة. ولكن عدو الله عبدالله بن سبأ الفارسي الذي أسلم بعد أن كان يهوديا ,وماكان إسلامه إلا ليجمع حولة حثالة من المراهقين والأدعياء وشراذم من المندسين للكيد للإسلام , فكان الوقود فارسيا , والمخطط كسرويا , فاستمالوا معهم بعض أبناء الصحابة , وفشلوا باستنهاض البصريين والكوفيين , فاتجهوا صوب مصر بخلافة عثمان وبثوا الدعايات المغرضة عن ذي النورين , بخلافة علي رضي الله عنه , ضاق ذرعا بابن سبأ لأنه كان يحرض على سب معاوية رضي الله عنه ,كان يبث الأخبار الكاذبة ليذكي روح العداء , بعد أن كادت بوادر الصلح بين الفريقين وشيكة , كان علي رضي الله عنه قد توعد ابن سبأ بالقصاص كونه مفسدا في الأرض , ووصله النبأ ففر لبلاد فارس , وظل يتحين الفرصة للايقاع بين الفريقين مرة أخرى , فلما فشلت خططه , أوعز للخوارج الذين كانت لهم هواجسأنه بصلح الفريقين بداية النهاية لأطماعهم ولنشر فتنهم بإضعاف شوكة المسلمين , فجندوا ثلاثة من أتباعهم ووعدوهم بوعود مغرية , وكانت امرأة تقود جناحا كان علي رضي الله عنه قد كسر شوكتهم , فحثته على قتل علي رضي الله عنه انتقاما لمقتل أقارب لها من الخوارج ومنهم زوجها , وتم تجنيد اثنين آخرين لقتل معاوية رضي الله عنه وعمرو بن العاص رضي الله عنه . انظروا لاختياراتهم الخبيثة , فعلي يحكم العراق والحجاز واليمن والجزيرة العربية ,معاوية لايزال يحكم الشام , وعمرو بن العاص يحكم مصر , وتم الاتفاق على توقيت واحد وضربة ثلاثية بوقت واحد , فشل من أوكل به قتل معاوية , إذ كانت الضربة من سيف الخارجي بإليته , وعمروا بن العاص كان مريضا فأناب عنه رجلا آخر ليؤم الناس بمسجد عمرو بن العاص بالفسطاط , فقتل نائبه وشاءت إرادة الله ان ينجح عبدالرحمن بن ملجم الخارجي بقتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه خليفة المسلمين رضي اله عنه . جاء من بعد علي الحسن رضي الله عنه ورأى أن مجاميع العراق مايزال حقد الفرس يجري في دمائهم , فحاسبوه عن سجادة فرشها بدار الخلافة , وكانوا يؤلبونه على قتال معاوية , بينما كادت جهود الصلح تثمر قبيل استشهاد والده علي بن ابي طالب رضي اله عنه , لكن مع مقتل علي سعى الحسن رضي الله عنه لاتمام الاتفاق من منطلق أن من غير صالح المسلمين أن تظل لهم رايتين واحدة بالشام والأخرى بالعراق , كان الحسن بن علي رضي الله عنه رجلا حكيما , خَبر أن أتباعه بالعراق لايعول عليهم , وقد كان حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ماثلا أمامه بأن الحسن سيكتب الله على يديه حقن دماء فئتين من المسلمين , فلما تأكد أن أتباعه أو من يدعون أنهم أتباعه لايمكن أن تقوم على خورهم دولة , فقال كلمته الشهيرة والله أن رجلا واحد من جيش معاوية يعدل عشرة منكم , تتكلمون وتدعون بالمحبة والنصرة , ولكنكم حين ينادي داعي الجهاد تتوارون عن الأشهاد , والله لأني زاهد بالحكم وأن معاوية سيحفظ حوزة الدين ويوحد الأمة . فكان الصلح وتنازل الحسن رضي الله عنه عن الخلافة لمعاوية وسمي ذلك العام "عام الجماعة", وتم حقن دماء المسلمين , وتم الصلح على أن من يخلف معاوية هو مايتفق عليه المسلمون من بعده ,عاد الحسن لللمدينة , وتوفي معاوية , وأشار على ابنه يزيد بولاية العهد وهذا كان اجتهاد منه حتى لاتعود الخلافات وقدر الله وماشاء فعل , واصبح يزيد أميراً للمؤمنين . فأرسل أهل الكوفة أن يحضر اليهم الحسين بن علي رضي الله عنه ويبايعوه , وذلك لاذكاء الفتن , وماقدره الله يكون , فحاول الحسن ين علي أن يثني أخاه الحسين رضي الله عنه , وكان الحسن يقول للحسين لقد خذلوا علي بن أبي طالب رضي الله عنه , والله إنهم لخاذلوك , فمضى الحسين بأهله ومن معه للكوفة , وناجزه والي العراق واستشهد الحسين رضي الله عنه , بعد أن قام والي العراق باجتذاب كثير من معارضي معاوية وأغراهم بالمال و سجن من سجن منهم حتى لاتقوم حرب أو يعود الحسين ,وخذلوه وبقي يحارب بمعركة غيرمتكافئة , وتحق ماقاله الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الحسين سيموت شهيدا . تلقف المغرضون الفرس والذين اغتنموا الفرصة , لاذكاء نار الفتنة بين المسلمين وجددوا العهد لأهل البيت باعتبارهم هو من يجب أن يكونوا الخلفاء وأمراء المؤمنين , ولكن غالبية أهل الحل والعقد ومن استوطن الإيمان قلوبهم أنكروا ذلك حماية لبيضة الاسلام وتدعيما لحقن الدماء لم يجيبوا دعواتهم , ومن كان جل اهتمامهم بالآخرة لا بالدنيا . فقرروا شيعة فارس ومن معهم من المغرضين إعلان ولائهم فقط لأهل البيت وكفروا من يعارضهم , قوبل ذلك برد فعل وتطرفت فئة من خارجهم ونازعوا دولة الاسلام بعصبيات جاهلية وتبرؤا من الفريقين . ومنذذ لك التاريخ والشحن العاطفي والبكاء على أهل البيت مناحتهم , عندها لم تكن هنالك اختلافات دينية بين عامة الناس هنا وهناك , ولكن الشحن العاطفي والغوغائي نجح باستقطاب فئات , لتلبس الحداد إلى يوم الدين على استشهاد الحسين , وومن الطبيعي لايمكن لخليفة أن يسمح بقيام سلطانين , فجاء العباسيون وأنهوا حكم الأمويين , وتوجسوا خيفة من آل علي بن ابي طالب, واستمرت الخلافة العباسية بقوتها إلى أن كاد الفرس بين الأمين والمأمون , وتفرغوا للاحتفال بمجيء المأمون ابن هارون الرشيد من أم فارسية , فنسوا ماكانوا يدعون إليه لآل علي بن أبي طالب , حيث سبق أن أوغر ألبرامكة الرشيد بهم فتمت تصفيتهم ومطاردتهم , وأرسل الفضل بن يحي البرمكي بيحي بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب مكبلا بالأغلال والأصفاد من خراسان , ليثبت ولاءه للرشيد . اتسعت رقعة الدولة الاسلامية في عصره وازدهرت , أدرك أن بخراسان من يؤلب الطالبيين على دوتله , وبنفس الوقت وشووا به , وأدرك بفطنته أن البرامكة في طريقهم للاستيلاء على السلطة وتحقيق أحلامهم باستعادة حكمهم بشتى الوسائل , حتى أضحى الناس بعاصمة الخلافة بغداد وبسائر أمصار العراق يأتون ليحي بن خالد يمدحونه ويتسامرون بمجلس ابنه جعفر , والفضل كان واليا مفوضا على خراسان , وتخلص منهم , وتتوالى محاولاتهم وأيقنوا أن دولة الفرس لايمكن أن تقوم لها قائمة وأن عليهم البحث عن طرق أكثر خبثا وأقل تكلفة بزرعالمكائد والدسائس لشق عصا المسلمين لفريقين شيعة وسنة , وأصبح الشيعة يقولون للسنة نواصب , ومن تم رفضهم من نفر من المسلمين سموا روافض , وهنا عندما أكرركلمة مجوس لاتقادي أن من دخل بالاسلام وتارثه من الفرس لا أتقد أن يُستثار من ذلك , فلايستوي أن يكون مسلما ويحن للمجوسية ومن الطبيعي أن يمقت المجوسية , لا أن ينحسس منها ويراها غمزا بحقه . من أدق الأخبار عن مكرهم أن كان مسؤول بريد الرشيد فارسيا , وكان ظاهره التقى والورع وقيام الليل كله وتلاوة القرآن الكريم , وكان يرسل برسائل الخليفة للأمصار , ويدس بينها أحاديث وضعها هو بينم اكان يُظن أنخه يبيت راكعا ساجدا "إولكه النفاق لاشك , فكانت عيون الرشيد بخراسان ترسل له بالأخبار أن أحاديث مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم يتم تداولها بفارس وخراسان , فقررالرشيد أن يُفَتَّش البريد المتجه لخراسان فكانت المفاجأة , أن تلك الحاديث ترسل مع بريد الخليفة , فتم اعتقال آمر البريد , وحقق معه , واعترف ومما قاله : "نظرت إلى القرآن وقد استحال تحريفه وربكم حافظه , و أن أبث الفتنة والحروب بين العرب , فتلك موجودة لديكم ولاتحتاج لجهد ولكن بعدلك وقوة دولتك لن نتمكن من ذلك , فرأيت أيسر السبل تشكيك المسلمين بأحاديث الرسول , فكنت أنا من اكتبها وأرسلها , فسأله الرشيد ألم نعهدك قائما بالليل تاليا لكتاب الله , قال لم نعتنق دين العرب إلا كوسيلة لاستعادة ملكنا ولم كن لنا القوة والعدة لاستعادته إلا بإضعافكم , وقال له اكمل ياعدواالله فقال : ألم تجعلوا أشرافنا عبيدا لديكم ولولا الاسلام ماتمكنتم من تسخيرنا لخدمتكم , وردد أننا نحقد عليكم أيها العرب , فبعد أن كنا نستعبدكم ونحكمكم أصبحتم أسيادا ونحن عبيدا , فقال الرشيد , لم نُكره أحد على الاسلام , والاسلام جاء للعالمين كلهم ليس للعرب وحدهم , جاء ليخرج الناس عربهم وعجمهم من عبادة الفرد إلى عبادة خالق الكون ومن تأليه النار وعبادة الأصنام إلى عبادة إله واحد , فحكم عليه بالقصاص . لذلك تم توظيف تلك الاختلافات التي هي بالأساس سياسية إلى اخلافات مذهبية عقائدية ,وبرزت عقيدة شيعية ببدايتها لم تكن على ماهي عليه الآن بإيران "الاثني عشرية" هنالك شيعة آخرون ليسوا بهكذا تطرف أواستغلال التشيع واستجرار ماض بحقد دفين , هنالك فرق ليست بهكذا جنوح وارهاصات . و مع مجيئ الخميني رفضت حماعات من الشيعة ولاية الفقيه , هفاجروا الى الغرب ,وهنالك مثلاً بلبنان شيعة يبرأوون مما عليه شيعة انضووا تحت عمائم ملالي قم وطهران والنجف وكربلاء من الاثني عشرية . بالمقابل لكل فعل رد فعل , فظهر ببعض السنة فئات امتهنت التكفير حتى لمن يعارض أفكارهم المتشددة من السنة ويسموهم الرويبضة , الانبطاحيين , وعلماء السلطة , ومنهم من تمادى أكثر فانضوى تحت الفكر القاعدي الذي يشبه ماكان يقوم به الخوارج من تكفير وتجهيل وشتم كل من يخالفهم . سعى الحكم الصفوي لتقارب بين السن والشيعة واستمرت اجتماعاتهم طويلا أثمرت عن توحيد الصلاة في المساجد فلا يكن هنالك مساجد للسنة وأخرى للشيعة ,وكان اتفاقهم أن يصلي بالناس سني , ويخطب شيعي و تم توقعي الاتفاق بالبصرة , واتفقوا على نبذ سب الصحابة. وبخطبة الجمعة حيث تقرر أن يخطب إمام شيعي أن يقول بالصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم و الترضي عن خلفائه الأربعة أبي بكرٍ وعمَر وعثمان وعلي بخطبة الجمعة , فارتاح المسلمون لماسمعوا وشاهدوا وبحسبانهم أن صفحة مظلمة بدأت بالتلاشي . وبعد الخطبتين أمَّ المصلين الامام السني وبعد الصلاة , تعانق المسلمون وانتفت الحزازا ت والمناكفات , هكذا حسب العامة لأن فصلا مظلما أضحى من الماضي لن يعود . ومع الفراغ الصلاة , عاتب الامام السني على انفراد الخطيب الشيعي قائلا له: لم تكسر راء عمر وهي منصوبة , فالعرب تقول أن كسر المنصوب يعني الاستخفاف به أو إهانته , حيث قال الخطيب وعمرِ, ألاتخاف الله فلم يعقِّب ولم تستمر تلك المصالحة سوى شهور معدودة . قبل عقود من الزمن حاول الملك الحسن الثاني يرحمه الله أن تعقد حوارات للتقريب بين المذاهب دون شروط مسبقة على أن تنحى الجوانب الخلافية , ويتم بحث الجوانب المتوافق عليها , بعد تزرع الثقة بدلا عن أن يبدأ الحوار بالمسائل الخلافية وتتعرض للفشل كسابقاتها من الحوارات , فاضترط الشيعة أولا أن يقر السنة أن عليا رضي الله عنه كان هو الأحق بخلافة رسول الله صلى الله عليه وآله , وأن أبابكر وعمر هما من حرماه من تنفيذ وصية يزعمون أن الرسول صلى الله ليه وسلم بأن يخلفه علي ؛ فكان رد الملك الحسن هذا تاريخ وزمن مضى لننظر للم شمل المسلمين والجميع صحابة رسول الله ووالأربعة الخلفاء كانوا يحترمون بعضهم وصهارعمرعليا , فرفضوا أن يتم الحوار إلا بهذا الشرط . مع دعوة خادم الحرمين الشريفين لمؤتمر حواري بين المذاهب للتقريب بينها كون ذلك يضمن عدم اختراق الصف الاسلامي ويوفر قوة للمسلمين , الملك عبدالله هو من دعا للحوار بين الأديان , ولايستغرب أن يدعو لحوار للتقريب بين المذاهب الاسلامية ولا أعتقد أنه ماكان ليدعو لذلك إلا وقد أجرى اتصالات معمقة مع زعماء تلك المذاهب وأئمتها , ولايعقل أن تأتي هكذا دعوة دون هامش معين يكسبها تحقيق ما يترتب عليه انفراجة حقيقية تخفف من الشحن الطائفي والعقدي والمذهبي , حيث تحولت تلك الاختلافات الفكرية بين شتى المذاهب إلى خلافات سياسية واستراتيجية , فالغالب والمغلوب كلاهما خاسر يستفيد منها بلا شك من يذكي الصراعات بين السنة والشيعة , وبالمقابل نشأ جيل ماسمي بالصحوة منهم من تمادى فما وفر سنة ولاشيعة بل لايرون سواهم على الاسلام , فانتشرت شرائط الكاسيت تذم شتى المذاهب وتفسق الحكام وتؤلب على عصيان ولاة الأمر إلى وصصل بهم السخف والجهل لانتهاك حرمة المسجد الحرام . بالمقابل منذ ثورة الخميني ازداد الشحن المذهبي والتف حوله كثير من شيعة العرب والعالم بحسبانه يعمل لانقاذهم ممايزعمون استئثار السنة بحكمهم ومضايقتهم وهذا فيه تجنٍ فلا أحد يقول بذلك بل هي ارهاصات تم الهمس بها فالترويج لها فاعلانها متناسين أنهم ينتمون لأوطانهم ولا أحد باستطاعتهم أن يجولهم لمذهب السنة , ومع احتلال العراق , حين تفتقت عقلية حاكم أميركا على العراق برايمر بأن الشيعة هم الأغلبية السكانية وتمت المحاصصة , وتلك التي قام بها بريمر نتيجة لتوافق أميركي إيراني لتسديد فاتورة أميركية للمراجع الذين دعوا إلى تجريم من يقاوم الأميركيين , بالعصر الحديث ماكانت تلك النعارت مستعرة بين سنة وشيعة العراق , ولاشيعة الخليج والأنطمة الحاكمة , لكنها استثيرت منذ مجيئ الخميني وتوطدت مع الاحتلال الأميركي للعراق وتطويب أتباع إيران قديسين وحكموا العراق , بمقاربة مفادها أن صداما كان سنيا وهو من الأقلية السنية بالرغم أن كوادر حزب البعث المنينتسبين إليه من الشيعة اكثر من السنة , وبالسلطة شيعة وسنة , وبالبيت العراقي الواحد تجد العربي السني والعربي الشيعي والكردي السني والتركماني السني , وهنالك أقلية شيعية كردية , خليط فسيفسائي كان متآلفاً . ووصل الأمر أثناء الاحتلال وبعده مع أوج المواجهات بين جيش المهدي وفيلق القدس ووجود القاعدة وجماعات سنية متشددة بالجانب الآخر فانتشرت التفجيرات والقتل على الهوية المذهبية أن بعض سائقي سيارات الأجرة من السنة يعلقون على سيارتهم شعارات تسترضي الشيعة وجيش المهدي وشبيحة فيلق القدس خوفا من طوابير القتل على الهوية المذهبية , وحتى البعض غيروا اسماءهم لأسماء يختص بها الشيعة بهوياتهم كجعفر , كاظم والحسن والحسين , حتى لاينتقم منهم كونهم من التكفيريي السنة الذين يدعمون القاعدة الذين يقاومون الأميركيين ويوقعون الضحايا دون تمييز بتفخيخ سيرات وتفجير بنايات مع أن السنة بغالبيتهم العظمى بالعراق منهم براء . يتضح من ذلك أن الاختلافات المذهبية لم تنحسر بإطارها الفكري , بل اصبحت تاخذ طابعا سياسيا وزهذا هو مكمن خطورة الوضع الحالي بين السنة والشيعة , ومن جر الاستقطابات السياسية بحسب المذهب لتأييد دولة أو دول لهذا الفريق أو ذاك , ومالم تكن هنالك شفافية واعتراف بالأخطاء في الممارسات , وبأنه لايجوز أن تتدخل أي دولة حت أي مبرر لدعم أتباع مذهب تعتمده بدولة أخرى لأن ذلك لايمكن ان يحقق الأمن والاستقرار بالمنطقة ولن يكسب منه الشعوب سوى المزيد من الانقسامات وانهاك مقومات تلك الدول ومكتسباتها وتداعي اقتصادياتها فلا منتصر أبدا بل الخسران هو العنوان الأبرز . لذلك نسال الله أن تكلل دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله الذي يحظى باحترام وتقدير واسع لدى مختلف شعوب العالم الاسلامي بانجاح , ان توفق جهود العلماء والحكماء للوصول لصيغة تحقق التوافق على الحد الأدنى الذي بدوره لابد أن توافق عليه كل الدول وتضمن دساتيرها تجريم التجريح المتبادل , فالجميع يعيش بأوطان واحدة تستوعب كل الناس لهم حقوق متساوية وعليهم واجبات متساوية تجمعهم الوطنية كهوية , ويشملهم دين واحد هو الاسلام . فهل سيأتي يوم لانسمع أو نقرأ تينك المفردتين سنة وشيعة , وكذلك لانجد من ينعت الآخر بالباطني أو صوفي أو اشعري أو إمامي أو ظاهري أو زيدي أو إسماعيلي ,أو وهابي وتضل تلك المسميات ضمن الثقافة العامة يدرسها أهل التخصص بالدراسات العليا بهدف ونقدها نقدا بناء لا أن يتم التشنيع عليها ومهاجمتها عبر الاعلام فلن تستطيع تلك السلوكيات أن تلغيها أو أن يتخلى عنها أتباعها , وتبقى التسميات المتداولة كما كانت تسمياتهم بصدر الاسلام وحكم الخلفاء الراشدين وخلافة الأمويين وشطر من حكم العباسيين , تجمعهم كلمة وهوية اسلامية واحدة , (مسلم) ؛ بلا تصنيفات على مستوى كل دولة , وأعلم أنه من المستحيل أن تنصهر كل المذاهب والطرق بلمسة سحرية , لكن يحظر على الاعلام المقروء والمرئي والمسموع وخطب الجمعة والمناهج الدراسية والمحاضرات والندوات ألا تأتي على مايعيد إذكاء الأحقاد والحزازيات , والافتئات على كل مذهب أو الاساءة لأي رمز من رموز الاسلام , والا تنشأ اختلافات سياسية مصدرها التعصب المذهبي, وتنتهي الاستقطابات تحت ذرائع مذهبية أو عقدية . وتبقى كل طائفة أو مذهب تتداول فقه مذاهبها فيما بينها وعدم التطرق لما يسبب الشحن المذهبي باستدرار عواطف العامة على أتباعها مع الابتعاد عن التأليب على أتباع المذاهب الأخرى والكف عن اجترار الماضي لاذكاء شعلة الخلافات وبث الفرقة والانقسام .ولن يتأتى ذلك إلا بميثاق شرف يقوم على احترام خصائص كل مذهب , وماتوافق عليه وتم التقريب بشأنه يتم التوقيع عليه والزام الدول بتطبيقه كل على قنواتها الاعلامية المختلفة وسحب كل مايؤجج ويزرع الفتن من المناهج الدراسية بدءا من الروضة إلى الجامعة . أمنية هل تتحقق ولو بالحد الأدنى , نعم لو صلحت الأنفس وحَسٌنَت النيات . وأرى بهذه المناسبة أن تتم الدعوة بداخل كل دولة لحوار يفضي للتقريب بين المذاهب , ووستسهم لتكون نموذجاً يمكن البناء عليه , وتعرض النماذج الناحجة كورقة عمل , لاجتماع جامع يتم بين مسلمي الأمة