هل لزامًا على المجتمع المحافظ أن يعلن الانقلاب على قيمه وعاداته وتقاليده حتى يفقد هويته تحت ذريعة «التجديد» من أجل أن يكون مهيأ لقبول كل ما هو تقليد مستورد لا يصلح له؟ لماذا نمتدح اليابانيين والصينين على أنهم تجاوزوا ما أصابهم من «بلاوي» الحروب والتدمير، وبلغوا الحضارة والتمدن ونافسوا الحضارة الأوروبية ومع ما حققوه من انتصار على معاناة الحروب ظلوا متشبثين بعاداتهم وتقاليدهم فعلى سبيل المثال في طريقة اللباس، فمازالوا يرتدون «الزي المعروف بالكيمنو» وطريقة تناولهم الأكل ما زالوا يستخدمون «الأعواد، وها هم الآن يمثلون مصدر رعب للاقتصاد الغربي بينما لدينا ظهر من بني جلدتنا من يدعو للانتكاس على العادات والتقاليد حتى الزي السعودي لم يسلم من التشويه تحت مبرر التطوير فخرج عن صورته المألوفة، وأصبح غريبًا بما دخل عليه من خطوط للموضة شوّهته! حتى أننا أصبحنا نشاهد رجالاً قد تخطوا الستين، وهم يرتدون ما يُسمّى بالثوب السعودي المليء بالزخارف في الصدر، وأطراف اليدين، وعلى جوانب اليدين فتحول إلى أشبه ما يكون بفستان رجالي!! وهل يوجد فستان رجالي عندنا؟! ثوب لا يليق لكل الأعمار، بينما الثوب السعودي التقليدي يصلح لكل الأعمار، ورغم شكله المألوف إلاّ أنه يمثل الاعتزاز بالهوية للزي السعودي، ليس من التجديد أو التطوير أن يدعو أحدنا للانقلاب على تقاليد المجتمع من أجل أن نحقق التقدم، وكأن التحضر والتنوير لن يتحققا لنا إلاّ إذا تنازلنا عن كل ما من شأنه أن يحفظ لنا أصالتنا وهويتنا؛ لذلك لا تستغربوا على أولادنا إذا ما انبهروا بالتقاليد الغربية، وهم يرون من يدعونهم للانقلاب على هويتهم ولو بطريقة غير مباشرة، يجب أن تسعى مؤسسات التربية وفي مقدمتها المدرسة إلى غرس الاعتزاز بالقيم وتنمية الانتماء للهوية الإسلامية والعربية عند الطلاب من أبناء المجتمع، حتى لا يأتي يوم نبكي فيه على أشكال وسلوك أبنائنا بعد أن نكون قد أسهمنا في ضياعهم، ولات حين مندم. محمد إبراهيم فايع [email protected]