لم يصدق أذنيه عندما سمع القاضي يحكم عليه بالإعدام، أخذ يصيح ويقسم أنه لم يقتل ابن عمه، وأن شقيقه الأكبر أقنعه بالاعتراف بالجريمة بدلاً عنه، لأنه لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره بعد، وأكد له أن صغر سنه سيمنع المحكمة بأن تقضي بإعدامه، ولن يكون عليه سوى أن يقضي بضعة سنوات في مركز الأحداث قبل أن يفرج عنه، لكن محكمة الاستئناف لم تأخذ بكلماته وقضت بإعدامه، فالحكم في جرائم القتل يتبع الشريعة الإسلامية التي تحدد المسؤولية الجنائية بالبلوغ الشرعي وليس العمر، وحكمها القصاص، إلا في حال عفو أولياء الدم، وفي حالته، ورغم أن المجني عليه هو ابن عمه، إلا أن عمه وباقي أبنائه أصروا على القصاص لدم ولدهم، ورفضوا العفو أو حتى قبول الدية الشرعية. في يوم الحادث، وفق أقوال المتهم، كان شقيقه وابن عمه يتجادلان في شأن سيارة كانا يريدان تفكيكها وبيعها كقطع غيار، وكان يقف معهما دون أن يشارك في النقاش، فهو صغير في السن، ولا يفقه شيئاً مما يتحدثان به، وفي لحظة تطور النقاش وتحول إلى صراخ وشتائم متبادلة، ودخل الاثنان في عراك بالأيدي، وفجأة سمع ابن عمه وهو يصرخ ألماً ثم سقط على الأرض مضرجاً بدمائه، وعندما نظر إلى شقيقه وجده واقفاً وبيده سكيناً يقطر دماً. لم يعرف ماذا يفعل، ولكن شقيقه توجه نحوه وقال له إن الشرطة ستقبض عليه وسيتم الحكم بإعدامه بلا شك، وهو لديه أطفال صغار، ثم قال له إن عليه أن يضحي ليس من أجله هو، بل من أجل أسرتهما، وأقنعه بأنه لم يصل إلى الثامنة عشرة من العمر، وبالتالي لن يحكم عليه بالإعدام. وأضاف المتهم أن المفاجأة كانت قد شلت تفكيره، وفي لحظة مسح شقيقه بصماته عن السكين ووضعها في يده، ولم يعِ كيف تتابعت الأحداث وحضر بعض زملاء أخيه ثم جاءت الشرطة وقبضت عليه، وفي التحقيقات، ردد الكلمات التي لقنها له شقيقه، وكرر اعترافه أمام النيابة والمحكمة الابتدائية التي اعتبرت الجريمة ضرباً أفضى إلى موت، وقضت بسجنه سبع سنوات مع الإبعاد بعد تنفيذ الحكم. فوجئ الشاب بأن القضية ليست قتلاً، وأن شقيقه لم يكن ليحكم بالإعدام، فطعن على الحكم أمام محكمة الاستئناف مطالباً ببرائته، على اعتبار أن شقيقه الذي كان قد غادر الدولة هو القاتل الحقيقي، كما طعنت النيابة على الحكم، وطالبت بأن تكيف القضية ثانية كقتل عمد، والحكم بالقصاص من القاتل. وفي محكمة الاستئناف، تراجع المتهم عن اعترافه، مشيراً إلى أنه فعل ذلك اعتقاداً منه أن العقوبة هي الإعدام بلا شك، ولو كان يعرف أن العقوبة ستقتصر على السجن لما ورط نفسه إلا أن المحكمة لم تأخذ بهذه الأقوال، وأعادت تكييف القضية على أنها قتل عمد، وحكمت وفقاً للأدلة التي قدمها المتهم بنفسه واعترافاته أمام الشرطة والنيابة والمحكمة الابتدائية، بالإعدام قصاصاً لدم المجني عليه، بعد أن رفض أولياء الدم قبول الدية.