بين إدارة المدرسة، وغرفة المشرف التربوي، والفصول الدراسية، توقفت رحلة سبع أسر يتجاوز عدد أفرادها 72 رجلا وامرأة وطفلا، من سكان قرية المعترض في الشريط الحدودي ليستقر بهم المقام في مدرسة متهالكة ومهجورة وسط أحد المسارحة. وقفت مصادرنا على وضع الأسر التي وجدت نفسها مقطوعة من المياه والكهرباء والمساعدات إلا من بعض المبادرات من المواطنين الذين قدموا لهم بعض المواد الغذائية، بينما فتح مالك المبنى الأبواب للأسر النازحة لتستقر في المدرسة والتي عاد أحدهم إليها بعد 48 عاما من الانقطاع، حيث كان موسى هزازي «56 عاما»، كان يدرس في المدرسة التي استقر فيها في الصف الأول الابتدائي. هزازي، والذي يعول أسرة تتكون من 16 فردا يحتل مكتب المدير السابق، حيث يعتبر المدير والمسؤول عن السكان في المدرسة والذين فرقتهم الظروف وجمعتهم أركان المدرسة المتهالكة ينتظرون تدخل الجمعيات الخيرية والجهات ذات الاختصاص لتقديم المساعدات لهم. ويتذكر علي هزازي «47 عاما» قصة رحيله وأبنائه الثمانية، حيث كان الجميع يبحثون عن مكان ليتوقفوا فيه بدوابهم وأبنائهم وكونهم جماعة واحدة، فقد استقروا في هذه المدرسة فتقاسموها قبل أن يتقاسموا الرغيف فيما بينهم. ويجتمع النازحون، الذين جمعتهم المدرسة المهجورة، حول الوجبات كأسرة واحدة ويعدونها بشكل جماعي في مطبخ المدرسة، وهذا مايؤكده عيسى هزازي «46 عاما» والذي تساءل عن دور الشؤون الاجتماعية الغائب كما يرى وعن الجهات المسؤولة عن النازحين، حيث لم يتسلموا طوال الفترة الماضية أية مساعدات عدا شيك واحد فقط لايفي بالاحتياجات والمتطلبات اليومية لأسرته المكونة من خمسة أشخاص، مطالبا بالنظر في ما يعانونه في تلك المدرسة المهجورة والتي تغيب عنها حتى وسائل السلامة والمياه والكهرباء وغير مناسبة للسكن. ويستغرب منصور يحيى هزازي وأبناؤه السبعة عدم توفير الأغطية «البطانيات» والأسرة، مبينا أنهم «أصبحوا يفترشون الأرض ويلتحفون السماء في انتظار توفيرها من قبل المسؤولين وتوفير العيش الكريم لهم». قبل الانتهاء من الجولة خرج لنا النازح محمد عبده كعبي «49عاما» مع نافذة المدرسة صارخا بصوت مرتفع ، «أين الجهات التي وعدت بتوفير الخدمات لنا، فالمياه نشتريها بمبالغ كبيرة والغذاء والكهرباء لاتتوافر عدا بعض اللمبات التي قمنا بتوصيلها للمدرسة بطريقة بدائية قد تهدد حياتنا، ولكن كل ماحدث بسبب عدم توفيرها لنا ،فالأنظار اتجهت للمخيمات والشقق المفروشة والمساعدات كذلك، حيث أصبحنا محرومين ننتظر إنهاء معاناتنا». ولم يخف أحمد هزازي ويحيى جابر وعلي حسن المهم من عدم الاهتمام بهم حيث يعيشون في هذه المدرسة منذ ثلاثة شهور دون أن ينظر لهم، فالنزوح من قريتهم كان في 18/8/1430ه، إلى منطقة إخلاء ليتم نزوحهم مع تجدد الاشتباكات إلى أحد المسارحة، متمنين على المسؤولين زيارتهم ومشاهدة معاناتهم على أرض الواقع، فسكان المدرسة المهجورة يعيشون في الظلام والحرارة المرتفعة لغياب مكيفات الهواء والأجواء الصحية التي تضمن لهم العيش الكريم.