فيما تتسارع وتيرة التقارب المصري الإيراني على المستوى الرسمي، تتسارع بالوتيرة نفسها عمليات مقاومة هذا التقارب، تحت مسمى مقاومة "التشيّع"، ودقّ التيار السلفي طبول الحرب ضد ما يعتقد قادته وشيوخه أنه "مخطط إيران لنشر التشيع في مصر". كما هدد السلفيون بمحاصرة المطارات والموانئ لمنع دخول السيّاح الإيرانيين، وهددوا بالجهاد في سبيل تلك القضية، ووصل الأمر إلى ذروته عندما هاجم المئات من المتظاهرين اليوم الجمعة، 5 أبريل/ نيسان، منزل القائم بالأعمال الإيراني في القاهرة، مجتبي أماني، وحطّموا واجهته، وحاولوا الاعتداء على المقيمين فيه. مقاومة التشيّع تصاعدت حدة رد فعل السلفيين في مصر مع وصول أول فوج سياحي إيراني إلى البلاد في نهاية الأسبوع الماضي، ودشّنوا العديد من الحملات، لمقاومة ما اعتبروه "مخططًا للتشيّع"، ومنها حملة "ضد التشيّع في مصر وبلاد أهل السنة"، إضافة إلى انطلاق حملات في مختلف المحافظات المصرية، تحت عنوان "مقاومة التشيّع"، ويتبنى حزب النور السلفي، والدعوة السلفية هذه الحملات. ونظم التيار السلفي مؤتمراً شعبياً حاشداً، بعد صلاة الجمعة اليوم، 5 أبريل/ نيسان، في مسجد عمرو بن العاص في القاهرة، تحت العنوان نفسه. "قلب السنّة" لن يخترق وقال الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، إن مصر سوف تقاوم أية مخططات لنشر التشيّع في مصر، مشيراً إلى أن توحيد صف التيار الإسلامي في مصر والعالم الإسلامي، أحد أهم أهداف الدعوة السلفية. وأضاف ل"إيلاف" أن السلفيين سوف يتصدّون للشيعة، ولن يسمحوا باختراق مصر قلب السنة في العالم العالم الإسلامي. ولفت إلى أن الخلاف مع الشيعة ليس خلافاً في الفروع، بل في العقيدة، ولا يمكن التقارب مع إيران، على حساب الدين الإسلامي. ونبه إلى أن الرئيس محمد مرسي وعدهم بشكل شخصي بمكافحة التشيّع، وعدم إقامة علاقات مع إيران على حساب الدين. وأشار إلى أن الدعوة السلفية سوف تدشّن العديد من المؤتمرات والفاعليات بهدف توعية المصريين بخطورة التشيّع، وتعريفهم بالطرق التي يمكن من خلالها اختراق الشيعة للمجتمع المصري. مخلّفات مظاهر ووفقاً للشيخ محمد المنشد، القيادي في التيار السلفي، فإن مخطط إيران لنشر الشيعة في مصر سوف يفشل، كما فشل في السابق، مشيرًا إلى أن الدولة الفاطمية استمرت في مصر 260 عاماً، وأنشأت الجامع الأزهر، ورغم ذلك فشلت في جعلها شيعية. وأضاف بحسب "إيلاف" أن مصر مازالت تعاني من مظاهر التشيّع، التي خلفوها وراءهم، ومنها إنشاء الأضرحة وتقديس أصحاب هذه الأضرحة، وإقامة قباب للمقابر، وتنظيم الموالد لأهل البيت وأصحاب الأضرحة، كما يتم ارتكاب العديد من الموبقات والأفعال والأقوال، التي تخرج صاحبها من ملة الإسلام، ومنها طلب المدد من صاحب الضريح أو ممن ينتسب إلى الرسول من أهل البيت، إضافة إلى تدخين المخدرات فيها، والتحرّش بالنساء، وغيرها من الأفعال. لا يؤمنون بقرآننا! وأشار إلى أن الخلاف مع الشيعة خلاف عقائدي، وليس شكليًا، وأوضح أن الشيعة يؤمنون بأن القرآن الموجود حالياً محرّف، وأن القرآن الحقيقي مع الإمام علي في السرداب، رغم قول المولى سبحانه وتعالى: "إنا نحن نزلنا الذكر، وإنا له لحافظون". وأضاف أن الشيعة يكفِّرون الصحابة أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، ويعتبرون سبّهم من الثواب، كما يكفرون ويسبّون زوجات الرسول، أمهات المؤمنين، باستثناء السيدة خديجة الزوجة الأولى للرسول الكريم. وشدد على أن السلفيين لن يرضخوا لأية ضغوط، ولن يتنازلوا عن مقاومة التشيّع، وسوف يواصلون العمل على مقاومة المخطط الإيراني، حتى يردونه خائبًا. المخابرات لمكافحة الشيعة وبينما تتصاعد مخاوف التيار السلفي من المد الشيعي، لاسيما بعد عودة العلاقات مع إيران، وبدء توافد السيّاح الإيرانيين على مصر، قال الشيخ وحيد عبد السلام بالي، عضو مجلس شورى العلماء، وهي المرجعية العليا للتيار السلفي في مصر، إن الرئيس محمد مرسي أبلغ قيادات التيار السلفي، بأن التقارب مع إيران لن يكون على حساب سنّية مصر. وأضاف بالي في محاضرته الأسبوعية، في أحد مساجد القاهرة، أن الرئيس قال لأحد قيادات مجلس شورى العلماء إنه أصدر تعليماته للأجهزة الأمنية بتتبع وترصد وإجهاض أية محاولات لنشر المذهب الشيعي في مصر. ولفت إلى أنه أبلغهم بأنه كلَّف الأجهزة الأمنية برصد تحركات السياح الإيرانيين، وأعطى تعليمات للمخابرات والأمن الوطني بمكافحة بؤر التشيّع في مصر. مشيرًا إلى أن الرئيس أخبرهم بأن هناك اتفاقًا مع إيران يشترط عدم نشر التشيّع في مصر مقابل عودة العلاقات. هم العدو فاحذروهم لم تقف المعركة عند حدود المؤتمرات الشعبية والمظاهرات، ومحاصرة منزل القائم بأعمال السفير الإيراني في القاهرة، بل انتقلت إلى العالم الافتراضي، ودشّن العديد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، لمقاومة الشيعة، منها "الشيعة هم العدو فاحذروهم"، "ضد تشيّع مصر"، "الشيعة ضد الإسلام الصحيح". ونشرت تلك الصفحات المئات من التدوينات والصور، التي توضح مساوئ الشيعة، وفساد عقيدتهم، حسب القائمين على تلك الصفحات. اختلاف هامشي في المقابل، يتحالف الصوفيون في مصر مع الشيعة ضد السلفيين. وقال محمد الشبراوي، شيخ الطريقة الشبراوية، بحسب "إيلاف"، إن ما يشاع حول المذهب الشيعي في مصر، صورة مغلوطة، وعار تماماً من الصحة. مشيراً إلى أن السنة والشيعة يتفقون في أكثر من 95 % الأمور، والخلاف هو حول نسبة 5% فقط، هي الفروع والأمور الهامشية. وأوضح أنه زار إيران مرات عديدة، ولديه علاقات جيدة مع رموز شيعية، ولفت إلى أنه وأثناء زياراته لإيران لم يجد أن الشيعة يسبّون السيدة عائشة أو الصحابة الأجلّاء، ولم يجد أن لديهم قرآناً محرّفاً يتعبدون به. عقول متحجرة ومفتتة ونبه إلى أن السلفيين هم الذين سوف يعودون بمصر إلى عصر الجاهلية الأولى، ووصفهم بأنهم "أصحاب عقول متحجرة، ولا يفهمون جوهر الإسلام". وأشار إلى أن الإخوان والسلفيين ينفذون المخطط الأميركي، الذي دشنته وزيرة الخارجية السابقة كونداليزا رايس، والمعروف باسم "الشرق الأوسط الكبير"، منوهاً بأنهم يعملون على تفتيت الدول الإسلامية، ويقاومون التقارب بين الدول الإسلامية.