طالما عرفت أبها بالبهية، وساد اعتقاد لدى كثيرين بأنها المدينة الأجمل في المملكة، ولكن المقاهي البدائية التي تربض كقنبلة موقوتة إلى جوار محطات الوقود، وتنفث سمومها وسط الأحياء السكنية وقرب المؤسسات الحكومية داخل المدينة أساءت إلى جمالها، وجعلت جل أصابع الاتهام بالتقصير وضعف الرقابة تتوجه إلى أمانة المنطقة، إذ انها تركت لها العبث بالصحة العامة أكثر وأكثر حين لم تراقب أداءها ونظافتها التي اشتكى الكثيرون من انحطاطها. يقول المواطن حسن عسيري: «إنه من الممكن أن يكون هناك تواطؤ من الرقابة لاستمرار مثل تلك المقاهي، فمبرراتها غير مقبولة، وأسهمت بشكل مباشر في استمرار هذه التجارة الرخيصة في أماكنها المسيئة للجميع والأدوات المستخدمة فيها والعمالة غير المهيأة صحياً وقانونياً، إضافة إلى سوء الأثاث المليء بالقاذورات وتكوينها البدائي من الداخل والخارج غير المتوافق مع المواصفات»، مشيراً إلى أن كل هذه المخالفات توجب تشكيل لجنة من الوزارة وليس من الأمانة لمحاسبة المقصرين من الأساس بواجبهم الوظيفي. ويذكر المواطن يحيي عسيري أن رجال أعمال لا يهمهم سوى جني الأموال نهاية كل شهر، غير مكترثين إطلاقاً بخطورة الوضع وما يحدث للمواطن من أضرار، وأنهم يتحملون مسؤولية جسيمة بالتساوي مع الأمانة، موضحاً أن المقاهي أصبحت تعج بالمخالفين والمقيمين على مهنة أخرى، ويتضح ذلك بعدم ارتداء عمال المقاهي بدلاً موحدة، ما يمكنهم من الهرب أو الاعتذار بأنه صديق للعامل الأصلي بالمحل. أما المواطن سعد بن عائض فيطرح تساؤلات عدة مثل أين الأمانة مما يحدث؟ أم انها تنتظر حتى تنفجر محطة بنزين أو تحدث مشكلة لإدارة حكومية بفعل هذه الأماكن السيئة التي تحصل على عشرات الملايين من جيوب الناس على رغم سوء خدمتها؟ وهل تكفي نداءات الجميع لها بالتحرك أم لابد من الاستنجاد بالوزير؟ وقال: «اعرف مقاهي خطرة في أماكن عدة، أولها يقع تحت عمارة سكنية وبجوار محطة بنزين لا تبعد عنها سوى 30 متراً، وأخرى تبعد عن محطة بنزين 40 متراً، والثالثة بجوار مؤسسة النقد بابها، وأخرى بجوار سجون أبها، ناهيك عما في وسط الأحياء السكنية والتجارية». من جانبه، اتهم عضو المجلس البلدي في عسير المهندس عبدالله جبران أمانة المنطقة بالتقصير في تنفيذ قرار سابق صادر من المجلس البلدي لم تعترض عليه الأمانة في حينه يقضي بسرعة إخراج المقاهي من المدينة وعدم التجديد لها أو الترخيص، مؤكداً خطورتها الأمنية والصحية والجمالية، وأن عدم التعامل السريع مع المخالفات الصريحة أصبح مثار استغراب الجميع. ويقول الدكتور سعيد القحطاني: «إن إهمال التعامل مع هذه الظاهرة يتسبب في أضرار صحية بالغة على الأطفال وكبار السن، إضافة الى ان سوء التعامل مع الذوق العام، يدل على استهتار طال أمده وقصور مبالغ فيه من الأمانة التي يجب أن تقوم بدورها، وتتحمل مسؤولياتها ومحاسبة الموظفين المقصرين والمتهاونين»، داعياً أمانة المنطقة الى تحمل مسؤولياتها لحماية المجتمع من الأخطار الأمنية والصحية والنفسية. وفيما أكد المتحدث الرسمي باسم الدفاع المدني في عسير الرائد محمد العاصمي أن المسألة من اختصاص الأمانة بالدرجة الأولى، وأن المديرية تتابع وترصد كل المخالفات وتعالجها بالطرق النظامية والقنوات الرسمية، اوضح أنها لن تتساهل مع أي مخالف أو متجاهل للتعليمات الخاصة بالسلامة. وذكر مصدر مطلع في الأمانة أنها لن تجدد الرخص للمقاهي القديمة وسط أبها، وانها سبق ان حذرت واتخذت إجراءات عدة في هذا الشأن، وأنه خلال وقت وجيز لن يوجد أي مقهى مخالف للشروط وسط أبها.