مع توسّع مدينة أبها وتحولها إلى مقصد تجاري وسياحي برزت ظاهرة «المقاهي الغرف»، وهي عبارة عن غرف بدائية بأسقف حديد تديرها عمالة وافدة تقدم لزبائنها الشيشة والشاي والقهوة، لكن من دون أي ضوابط صحية أو تنظيمية. وتلجأ تلك المقاهي إلى جذب الزبائن عبر خفض الأسعار، ولذلك ازداد وجودها داخل النطاق العمراني وإلى جوار محطات الوقود والإدارات الحكومية مثل مؤسسة النقد، فيما تكتفي الجهات الرقابية المعنية بإطلاق وعود عن قرب إغلاق تلك المقاهي ومحاسبة القائمين عليها. واتهم مواطنون مراقبي أمانة منطقة عسير بالتواطؤ مع تلك المقاهي التي يعمل بها عدد كبير من العمالة معظمهم مخالفون ومجهولو الهوية، مشيرين إلى أن المراقبين يتساهلون مع تلك المقاهي منذ زمن طويل. علي القحطاني الذي يقطن في مدينة أبها أعرب عن تخوفه من مقهى من هذا النوع في الحي الذي يقطنه: «ذهبت مع مجموعة من أصدقائي إليه قبل فترة، فلم تعجبني خدماته أبداً، إذ بدا أنه لا يطبِّق أدنى اشتراطات النظافة، ولا نعرف كيف يعدون المشروبات والشيشة، ولذلك خرجت ولم أعد إليه»، بيد أنه أبدى تخوفه من ذهاب الشبان الصغار إلى مثل هذه المقاهي القريبة من الأحياء السكنية، إذ إن غالبية عمالها من مجهولي الهوية الذين قد يشكِّلون خطراً على عقول الناشئة. وأبدى فؤاد العسيري استغرابه من انتشار هذه المقاهي البدائية على مرأى من مراقبي أمانة منطقة عسير الذين أغلقوا مقهى افتتحه قبل أعوام بسبب ملاحظات بسيطة على حد قوله، مشدداً على أن مقهاه لا يمكن مقارنته بهذه المقاهي البدائية التي تسرح وتمرح في أبها: «بعد أسابيع من إغلاق المقهى افتتح مقيم باكستاني مقهى من الغرف، وعلى رغم مخالفته الصريحة لا يزال يعمل حتى الآن من دون أدنى عوائق أو رقابة». ودعا العسيري أمين منطقة عسير إلى كشف المتسترين على هذه المقاهي البدائية طوال الأعوام الماضية على رغم افتقارها إلى أدنى أدوات السلامة الصحية سواء لجهة العمالة أو الخدمات التي يقدمونها. وتمنى يوسف القبيعي محاسبة كل المتساهلين والمساعدين في مخالفات المقاهي البدائية سواء بقصد أم من دون قصد، مشيراً إلى أن خطر مثل هذه الأماكن لا يقتصر على افتقارها إلى الرقابة الصحية على المشروبات، بل يتعداها إلى تشغيل عمالة مجهولة الهوية. من جهته، توعَّد أمين منطقة عسير المهندس إبراهيم الخليل، الذي تسلّم منصبه منذ أشهر عدة، جميع المقاهي المخالفة بتطبيق النظام عليها. وقال ل «الحياة»: «الأمانة لن تتهاون مع أي موظف لا يطبق النظام في حق تلك المقاهي، وسيرى المواطنون كيف سننهي هذه المشكلة إلى الأبد». فيما أكد مدير الجوازات في منطقة عسير العميد سعد زياد أن حملات تنظَّم للقبض على المخالفين في المنطقة بشكل دائم، ويتم تفقد المقاهي والمطاعم وغيرها للتأكد من أن العاملين فيها نظاميون.