كلما تحرك كثيراً وجرى فى كافة أرجاء المنزل، وكسر وأوقع الاشياء، تزيد فرحة أبويه به، ويحسبانه طفلاً نشيطاً ومكتمل النمو، ويتوقعان له مستقبلاً باهراً، ولكن ما إن يصل إلى سن الخامسة فما فوقها تتحول حركته الكثيرة إلى كابوس يؤرق الاسرة، خاصة انه يضع نفسه فى مواضع الخطر، وما إن يلتحق بالمدرسة حتى تكتشف الأسرة أن طفلها النشيط لايستطيع مذاكرة دروسه على الوجه الاكمل ، ودائما يرسب فى الامتحانات، عندها لابد من التوقف، وعرض الطفل على الطبيب فوراً، فهو مصاب ب "فرط الحركة ونقص الانتباه" ، ويحتاج الى علاج. نماذج للإضطراب سامية شومان أم لثلاث أطفال أصغرهم احمد يبلغ من العمر سبعة أعوام ، وتقول إنه كثير الحركة ، ولا يستقر فى مكان أكثرمن 3 دقائق، ويكسر ألعابه باستمرار ، وعندما التحق بالمدرسة يشكو منه زملاؤه، فهو عدواني معهم ، ودائم الحركة فى الفصل ، وتضيف: طبعا لم أكن أنا وأبوه نرى أن هناك مشكلة لدى أحمد ، فالأطفال الصغار أشقياء فى هذه السن ، ولكن عندما فوجئت به "بليد" فى الدراسة، ويحصل على درجات متدنية فى الامتحانات، كان علينا البحث فى أمره ، ولم يتوصل الأطباء الى تشخيص لحالته ، إلى أن قالت لى احدى صديقاتى إن ابنها كان يشكو من هذه الحالة، ولما عرضته على طبيب أمراض نفسية وعصبية، شخص حالته، ونصحها ببعض الادوية والتمارين، وتحسنت حالته حاليا ، ولجأت أنا أيضا بأحمد الى الطبيب نفسه وسيبدأ العلاج عما قريب. وائل جمال أب لطفل واحد يدعى زياد وعمره حاليا ثلاث أعوام ، ويعانى من الاعراض ذاتها لدرجة أن أعمامه وأخواله اطلقوا عليه اسم "الفراك" لأنه لايهدأ ولايجلس فى مكان واحد لدقيقة، ويتحرك ويقفز من على الترابيزة أو الكرسى ومندفع جدا ، ويعتبر وائل ابنه طفل مثالى ، وسوف يكون هادئ الطباع،عندما يكبر، ويلتحق بالمدرسة ، ويرفض القول بأن ابنه لديه اضطراب ما أو مرض ، ولايرى أن هناك حاجة من عرضه على الطبيب. على العكس من وائل جاء موقف حنان ابراهيم طبيبة نساء وتوليد ، وتقول: لدي أربعة أبناء، وكان ابني الأوسط محمود يعاني من فرط الحركة طيلة النهار ، ولا يثبت فى وضعية واحدة ، ومتهور ، فدائماً ما يكسر كل يقع فى يديه ويصعد إلى طاولة السفرة، "مائدة الطعام" ويقفز من عليها ، وذات مرة صعد على السيارة وقفز من فوقها فكسرت ساقه ، ومع ذلك لم يخش من الصعود عليها والقفز من جديد ، ولما التحق بالمدرسة الابتدائية لاحظ مدروسه أنه شارد الذهن دائما ، ويتعامل بعدوانيه مع زملائه ، ولا يستطيع تحصيل دروسه ، وكانت لديَ خلفيه بهذا السلوك المضطرب من خلال قراءتي ، فعرضته على أحد الأطباء النفسيين ، وشخص حالته، ووصف العلاج له، ودربني على التمارين اللازمة لاستعادة حالته وهدوءه وتركيز ، وهو الآن فى الصف السادس الابتدائي ومتفوق جدا ، والحمد لله. إصابة 3% من الأطفال وحول طبيعة هذا الاضطراب ، يقول الدكتور يوسف سعد الدين استاذ الطب النفسي جامعة الازهر: ما نتحدث عنه حاليا ليس مرضا بالمعنى المعروف ، ولكنه اضطراب أو عرض معروف باسم "ADHD " ويعنى اضطراب فرط الحركة وقلة الانتباه، وينتشر بنسبة 3% فى الأطفال الذكور من سن سنه الى ما قبل البلوغ ، ويصيب واحد من كل 3 أطفال فى المرحلة الابتدائية ، ونادر الحدوث فى الإناث، فنسبة الاصابة فى فيهن، تعادل بنت مقابل 6 ذكور ، وأعراضه تبدأ مبكرا جدا فى السنة الاولى من عمر الطفل، وتتمثل فى كثرة الحركة وعدم القدرة على الاستقرار فى مكان ما لفترة ، والاندفاع فهو يقدم على الالعاب الخطرة والقفز من الأماكن المرتفعة ، ولايتعلم من تجاربه السابقة ، اضافة الى ضعف وتشتت الانتباه حيث يجد صعوبة فى الانصات الى المعلمين فى المدرسة ، ويلاقى صعوبات أكبر فى استذكار دروسه فى المنزل ومن ثم يفشل فى الامتحانات. 18 عارضا ويضيف سعد الدين: هناك 18 عارضا لهذا الاضطراب فى حالة توافرها فى الطفل يكون مصابا به وهي كالتالي :حركة مستمرة وعدم الهدوء أوالاستقرار ، وعدم الجلوس لتناول الطعام ،اللعب فترة قصيرة بلعبة ما والانتقال الى اخرى ، عدم الاستجابة لمطالب الابوين البسيطة ، مقاطعة الاخرين فى الكلام ، التسبب فى ازعاج الاسرة والضيوف ، عدوانى مع اقرانه ، يصفه المدرسون بانه مشاكس وعنيد ، يتورط فى أعمال والعاب خطرة ، يخرج من مقعده فى الفصل ويتجول بين مقاعد زملائه اثناء الشرح ، من السهل جذب انتباه فى اشياء اخرى بعيدا عن الاساسيات ، غير مرتب ، ويحب الفوضى ، مشوش ، ويفكر بصوت مرتفع ، سمته الاساسية النسيان ، عدم القدرة على متابعة معلومات سماعية او بصرية حتى النهاية ، التعامل مع الاغراب بغير احتراس ، والانصات جيدا الى فيلم سينمائى أو كارتون ، شتكرار هذه السلوكيات فى المنزل ، المدرسة والشارع واثناء زيارة الاسرة والاصدقاء والاقارب. التشخيص والعلاج وتشير الدكتورة نادرة عبد العظيم استشارى طب الاطفال بمستشفى أبو الريش للأطفال إلى أن هناك عدة أسباب لهذا الاضطراب السلوكي لدى الاطفال اكثرها شيوعا هى النقص فى مادة الدوبامين التى تعمل كناقل عصبى مما يؤدي الى اضطراب وفوضى وكثرة الحركة ونقص انتباه الطفل ، وهناك نسبة من الاصابة بهذا المرض وراثية ، وتصل الى 95 %من الحالات، أما الاسباب الأخرى فمنها قلة النوم لفترات طويلة، اصابة الطفل بتضخم والتهاب مزمن فى اللوزتين، ولكن عند تشخيص الحالة لابد من استبعاد احتمالية اصابة الطفل بعدد من الأمراض ذات الأعراض نفسها، وغالبا ما يتم تجراء أشعة مقطعية على المخ؛ لمعرفة هل الطفل مصاب بأي من أنواع الصرع أو الأورام سواء خبيثية أو حميدة أو الأمراض النفسية أم لا؟ جدول كونيرز وتتابع د.نادرة: من المهم لكي نثبت إصابة الطفل بهذا الاضطراب يجب توافر مجموعة من الأمور بالاضافة الى الاعراض السابقة وهى: أن تكون هذه الأعراض ملازمة للطفل منذ سن الثلاثة، وأن تكون مستمرة مع الطفل قبل الذهاب الى الطبيب لأكثر من ستة أشهر على الأقل، وأن تكون مصحوبة بعدم القدرة على التحصيل الدراسى. وفى هذه الحالة يمنح الطبيب الأم اختباراً يسمى "جدول كونيرز" يعتمد على ملاحظة الأم لسلوكيات طفلها لمدة اسبوعين، وتدون كل الأعراض فى صورة أرقام، وإذا مجموعها على 15 نقطة، فهذا يعنى أنه مصاب بالاضطراب. ولكن كيف سيكون العلاج؟ وتجيب نادرة بالقول: ينقسم العلاج الى نوعين، الأول نفسى أو سلوكى، والثانى: كيميائى، موضحة أن النوع الأول يعتمد على لفت نظر الطفل إلى أشياء يحبها، وإغرئه بها على القيام بنشاطات تحتاج إلى الصبر والتركيز والمثابرة، على أن يتم ذلك بالتدريج، وتضرب مثالاً بتدريبه على ألعاب الفك والتركيب، وفي حالة الصبر لمدة 10 دقائق يمنح جائزة، ولتكن الشكولاته الت يحبها، مع ضرورة عدم التعامل معه بعنف أو إجباره على القيام بهذه النشاطات بطريقة عنيفة، ويمكن الاستعانة بمدرس لذوي الاحتياجات الخاصة لمساعدة الأم في القيام بهذا التدريب. أما في حالة العلاج الكيميائيم فتنصح نادرة بضرورة إستشار الطبيب وعدم اللجوء إلى القراءات في الكتب أو المواقع الطبية، لأن كا حالة تختلف عن الأخرى.