القاضي الدكتور إبراهيم الخضيري عضو محكمة الاستئناف فجر مفاجأة من العيار الثقيل بعد أن كشف في ملتقى تم تنظيمه في العاصمة الرياض أن القضية التي حركتها وزارة الصحة السعودية ضد وكلاء التبغ تمت تسويتها من "تحت الطاولة". وأكد "الخضيري" في ملتقى تم توثيقه مرئياً أن وزارة الصحة حصلت على تعهدات من وكلاء التبغ بإنشاء مراكز للعناية بالمدخنين ومعالجتهم وفق "صلح باطني"، دفع الوزارة إلى طلب شطب القضية. وقال إن الوزارة توقفت عن المطالبة لأن كبريات شركات التبغ "دغدغت" مشاعرها "من تحت إلى تحت" واصطلحت معها لإيجاد مراكز لمكافحة التدخين، وإجراء صلح باطني، معتبراً أن هذا الصلح "باطل". وأضاف أن "الصحة" كانت تقدمت ضد 18 شركة تبغ وطالبتها ب20 مليار ريال باعتبار أنها خسرتها في معالجة المرضى، مبيناً أن الدعوى من حيث الأصل الشرعي صحيحة، وأن الوزارة لو واصلت دعاواها يمكن لها أن تحصد من ال20 ملياراً ما يقارب 10 مليارات. وذكر أن شخصاً بمدينة جدة أقام دعوى بصفته الشخصية، يطالب فيها بمليوني ريال، وأنه أصيب بمرض وعولج منه بمبلغ المليوني ريال، مطالباً بالتعويض. وقال الشاكي إنه غرر به من قبل الإعلانات التجارية. وقال "الخضيري" إن الشركة المدعى عليها أجابت بأن المدعي عاقل مدرك وعالم بفتاوى العلم في البلاد بأن شرب السجائر أذى، وأنه من ألقى بنفسه إلى التهلكة، وبعدها حكم القاضي بصرف النظر عن القضية. وذكر أن التعويض له شقان، الأول يتمثل في الضرر المادي الجسدي، وهذا عليه أدلة شرعية واضحة بناء على القول الراجح من أقوال الفقهاء المعاصرين باستحقاقه للتعويض، فيما يتضمن الشق الثاني الضرر المعنوي الأدبي، وهذا لا يستحق التعويض بإجماع الفقهاء المعاصرين. يذكر أن صحيفة "الوطن" نشرت الأربعاء المنصرم خبرا بعنوان "الصحة تنفي ومصادر تؤكد توقفها عن ملاحقة وكلاء التبغ". وتفيد بيانات منظمة الصحة العالمية أن التبغ يقتل أكثر من نصف مستخدميه حيث يودي بحياة أكثر من خمسة ملايين شخص سنوياً. وتحذر المنظمة من أنه إذا لم يتخذ إجراء عاجل، فإن عدد الوفيات السنوية جراء التدخين سيصل إلى ثمانية ملايين شخص خلال عقدين. وتكافح الدول العربية بشكل عام التدخين وتستهدف حملة توعية كبيرة في السعودية تقليل عدد المدخنين. وفي العام 2010، قالت الدكتورة فاطمة العلوي إن شركات التبغ تزعم منذ فترة طويلة أن زيادة الضرائب على التبغ لن تحقق الأهداف المرغوبة. وأضافت "لا ينبغي أن تخدعنا ادعاءات شركات التبغ من أن رفع الضرائب يزيد من تهريب منتجات التبغ أو أن هذه النظم السعرية غير مطبقة في العالم وهي دعاوى كثيراً ما ترفعها شركات التبغ في دول الإقليم ذلك أن الواقع يخالف ما تزعمه تلك الشركات من أن زيادة التهريب تتبع تلقائيا الزيادة الضريبية". ودعا الدكتور زياد ميمش وكيل وزارة الصحة السعودية إلى تكثيف الجهود لكبح التدخين. وحث على "ضرورة توحيد الجهود وتضافرها وذلك من خلال الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية بشأن مكافحة التبغ وهي المعاهدة العالمية الأولى من نوعها لمواجهة شركات صناعة التبغ العالمية التي كانت ولا تزال تروج لسلعتها مستخدمة مختلف أساليب الدعاية المباشرة وغير المباشرة مستهدفة الجميع بدون استثناء مع التركيز بصورة خاصة على صغار السن والنساء. ولقد بلغ عدد ضحايا التدخين واستعمال التبغ خلال القرن العشرين الماضي أكثر من مئة مليون قتيل". وفي أوقات سابقة، رفعت وزارة الصحة السعودية دعوى قضائية ضد شركات التبغ العاملة في السعودية للمطالبة بتعويض مالي لضحايا التدخين أو التدخين السلبي. وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 80 في المائة من المدخنين في العالم - البالغ عددهم مليار نسمة - يعيشون في الدول ذات الدخل المنخفض إلى المتوسط.