مع بدء العد التنازلي لتسليم اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق تقريرها المرتقب اليوم للعاهل البحريني، تترقب الأوساط المحلية والاقليمية والعالمية ما سيتمخض عن اللجنة من قرارات تاريخية. ووسط التوقعات المسبقة للمراقبين والفعاليات الشعبية والنيابية بحيادية قرارها واستقلاليته ونزاهته، ينتظر الجميع إعلان نتائج اللجنة التي أمر عاهل البلاد بتشكليها لتقصي الحقائق في الأحداث التي شهدتها البحرين، خلال فبراير ومارس الماضيين والوقوف على حقيقتها وإعطاء كل ذي حق حقه والتأكد من مدى سلامة تطبيق القوانين وفق الأعراف والقواعد الدولية. وستشكل النتائج التي سيعلنها رئيسها البروفيسور محمود شريف بسيوني محطة مفصلية هامة في تاريخ مملكة البحرين ونقلة نوعية لا مثيل لها على مستوى احترام حقوق الانسان عالميا. ومنذ اللحظة الاولى لتشكيل اللجنة دعت اللجنة كافة المواطنين والمقيمين والمتضررين وكافة الصحفيين والمحررين والمنتجين والمدونين ومصوري الصحافة وأي شخص يعمل في قطاع الصحافة الذين تعرضوا لأي انتهاكات لحقوق الإنسان أو تم إنهاء أعمالهم أو تعرضوا للتحرش أو العقوبة بسبب عملهم أن يتقدموا بشكواهم من أجل توثيقها قبل التاسع من سبتمبر الماضي للبت فيها. ولتسهيل مهمتها نشرت اللجنة نماذج تسجيل الشكاوي الكترونيا عبر موقعها على شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وخصصت خطوطا ساخنة لتلقي الشكاوي التي تعاملت معها بسرية تامة. وفور انتهاء أعمال اللجنة وتسليم تقريرها النهائي للعاهل البحريني، سيتم التخلص من كافة النسخ الورقية للإفادات والشكاوى التي تقدم بها مواطنون بحرينيون ومقيمون عرب وأجانب حفاظاً على هويتهم ولحمايتهم من التعرض لشخصهم أو لأسرهم. وسيتم الاحتفاظ بنسخة إلكترونية من كافة هذه المعلومات وغيرها من الأدلة المادية التي حصلت عليها اللجنة لإيداعها لدى المحكمة الدائمة للتحكيم الدولي في لاهاي التي ستحتفظ بها في سرية تامة ل10 أعوام سيتم بعدها تدمير هذه النسخ من قبل المحكمة. يشار الى أن اللجنة كانت قد نظرت بما يزيد على 9000 شكوى وافادة تلقتها من مواطنين بحرينيين ومقيمين عرب وأجانب ادعوا تعرضهم لانتهاكات لحقوق الإنسان خلال فترة الاحداث. وقد تم فحص جميع الشكاوي الواردة اليها وتوثيقها من أجل التحقق من صحتها علاوة على ذلك اجرت اللجنة أكثر من 5 آلاف مقابلة شخصية وفي هذا السياق اشاد البروفيسور بسيوني بتعاون الجهات الحكومية مع اللجنة والذي ساهم في انجاز مهمتها. واخذت لجنة تقصي الحقائق على عاتقها عدم الإدلاء ببيانات صحفية أو أحاديث إعلامية إلى أن يصدر تقريرها النهائي وذلك تجنباً للكشف عن مضمونه والخلاصات التي سينتهي إليه والنتائج التي سيتضمنها. وفي اطار تحقيقاتها، تم الإفراج عن 137 موقوفا ادينوا بجنح عديدة وتم نقل قضاياهم من المحاكم العسكرية الى المحاكم المدنية حيث اعرب البروفيسور محمود شريف بسيوني رئيس اللجنة عن سعادته بمبادرة إطلاق سراح هؤلاء الموقوفين. ومن المتوقع بحكم ما أسفرت عنه الإجراءات التي إتخذت طوال الأشهر الماضية، سيما على صعيد تنفيذ مرئيات الحوار الوطني، أن تزداد صلاحيات النواب، خاصة فيما يتعلق بأعمال الرقابة على الحكومة، كما يُتوقع أن تزداد الضمانات التي تكفل الحريات المدنية منها والسياسية ، وهو ما سيفتح الباب من جديد على مصراعيه داخل المجتمع لإطلاق المناقشات والحوارات حول كافة القضايا ذات الصلة، ليسعها المشروع الإصلاحي للملك المفدى الذي تم تدشينه قبل نحو عشر سنوات. ومن بين المبادرات الحكومية الإيجابية التي إتخذت بالتوازي مع سير أعمال لجنة التحقيق، إجراء الانتخابات التكميلية والتي أدت إلى زيادة قدرها خمسة أضعاف للنساء في البرلمان، وهو ما يؤشر إلى مضي البحرين قدما في ديمقراطيتها باعتبارها الأكثر طموحا في المنطقة في هذا المجال. يُشار إلى أن رئيس اللجنة البروفسور شريف بسيوني الحاصل على الدكتوراه في فقه القانون من جامعة إنديانا، والماجستير من كلية جون مارشال للقانون، والدكتوراه في فقه العلوم القانونية من جامعة جورج واشنطن، ترأس لجنة الصياغة الخاصة بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية، كما ترأس في الآونة الأخيرة لجنة الأممالمتحدة لتقصي الحقائق إلى ليبيا (2011). وشارك بسيوني في لجان التقصي الخاصة بوضع حقوق الإنسان في أفغانستان وذلك بين عامي 2004 و2006، فضلا عن اللجان الخاصة بتقصي انتهاكات القانون الدولي الإنساني في يوغوسلافيا السابقة عام 1993.