يتسلم عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة الأربعاء التقرير الرسمي للجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق, الذي قالت عنه الحكومة البحرينية في جلسة مجلس الوزراء الاثنين : إنه يعكس التزام الملك بالوقوف على حقيقة وقائع الأحداث المؤسفة التي شهدتها البحرين هذا العام، بما في ذلك تسليط الضوء على أية اجراءات خاطئة لبعض الأجهزة الحكومية، مؤملة صدور تقييم مستقل ونزيه في التقرير عن الأحداث للاستفادة من الأخطاء وتفعيل الإصلاحات التي تخدم البحرين وجميع مكونات الشعب البحريني. ووصف مراقبون محايدون عرب وأجانب إنجاز التقرير بهيئته وتفاصيله الدقيقة من خلال اطلاعهم على مجريات التحضير للإعداد له بالوثيقة التاريخية المهمة ذات المرجعية القانونية المنصفة، فيما حشدت هيئة شؤون الاعلام برئاسة الشيخ فواز بن محمد آل خليفة لهذا الحدث الكبير عددا كبيرا من وسائل الإعلام العالمية لنقل الصورة واضحة كونه تم منح اللجنة المستقلة كامل الصلاحية لتحقيق أهدافها بتقصي الحقيقة دون قيود , أو استبعاد اية مسألة عن نطاق التحقيق, وفتحت لها الأبواب لممارسة مهامها بكل حرية وقدمت المعلومات المطلوبة بشفافية تامة. وأبلغت مصادر مطلعة "اليوم" أن الحكومة البحرينية أجرت تقييماتها وتحقيقاتها الخاصة في الأحداث التي شهدتها البحرين وطريقة التعامل معها، حيث كشفت هذه التحقيقات عن أمور تستحق الاشادة والتقدير , ممثلة في تحلي قوات الأمن بقدر كبير من ضبط النفس في مواجهة أشد الاستفزازات، ولم تميل ابدا لاستخدام السلاح كما صور البعض. ولقد اتخذت البحرين على مدى الأشهر القليلة الماضية خطوات مهمة لمعالجة وتدارك ما خلفته الأحداث المؤسفة، حيث قامت بتأسيس صندوق خاص للمتضررين لضمان تعويض الذين عانوا تبعات حوادث العنف التي وقعت في شهري فبراير ومارس الماضيين. كما طرحت أمام المجلس الوطني تعديلات قانونية من شأنها تعزيز حرية التعبير الى حد كبير وفقا للقوانين الدولية لحقوق الإنسان, اضافة الى تعريف التعذيب وتجريمه وتشديد العقوبات على مرتكبيه وإزالة أية قيود على فترة تقديم شكاوى التعذيب. كما ستؤدي التعديلات الى تأسيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تكون مستقلة عن الحكومة ومهمتها الترويج لحقوق الإنسان وتعزيزها في المملكة. وحصلت اللجنة بناء على توجيهات ملكية على تصريح مفتوح لدخول السجون واللجان والاطلاع على أي من الملفات في الحكومة ودون أي معوقات لتقديم أعلى معايير الشفافية في تقريرها, حسب تصريحات رئيسها. وبدأت اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق عملها في 29 يونيو الماضي بالاستعانة بمحققين من القضاة والنُشطاء الدوليين غير البحرينيين تأكيداً لحيادها واتخاذها أكبر قدر ممكن من الحيطة والسرية في عملها، وأن كل أفراد الطاقم الإداري المُساعد للمُحققين هم أيضاً من غير البحرينيين. وحصلت اللجنة بناء على توجيهات ملكية على تصريح مفتوح لدخول السجون واللجان والاطلاع على أي من الملفات في الحكومة ودون أي معوقات لتقديم أعلى معايير الشفافية في تقريرها, حسب تصريحات رئيسها. وقام فريق التحقيق في اللجنة بجمع المعلومات من خلال وسائل متنوعة منها المقابلات المستمرة مع المتضررين والشهود والخبراء والمسئولين الحكوميين على مختلف المستويات، بالإضافة إلى الزيارات الميدانية لمواقع الأحداث والجهات الحكومية والخاصة ذات الصلة، وجمع الوثائق وتقييم القوانين والممارسات المحلية. وتلقت اللجنة خلال فترة عملها أكثر من 9 آلاف شكوى وأجرت 5700 مقابلة مع متضررين ما بين مفصولين من أعمالهم ومعلمين وطلاب بجامعة البحرين، وعوائل الضحايا التي خلفتها الأحداث التي شهدتها البحرين، وقدمت جمعية المنبر الوطني الإسلامي تقريراً يتضمن 3206 حالات موثقة من الذين تعرضوا لأضرار مادية ومعنوية وفيديوهات تحوي أحداث الدوار وتعامل الشرطة مع الإخلاء وشهادات لأشخاص تضرروا أثناء الأحداث. وشملت الزيارات الميدانية للجنة مراكز الاحتجاز والسجون في البحرين برئاسة البروفيسور محمود شريف بسيوني، الذي التقى مع النائب العام علي البوعينين، وقام بزيارة القسم الخاص بالتحقيق في قضايا الأحداث، وسجن الحوض الجاف، حيث اجتمع مع عدد من الأطباء والسجناء. كما زارت اللجنة المدعي العام العسكري، لمناقشة القضايا الخاصة بقانون الأمن الوطني، تلتها زيارة لسجن القرين، حيث التقى أعضاء اللجنة بالمتهمين في القضايا المتعلقة بقانون السلامة الوطنية وبحث رئيس اللجنة معهم أوضاع السجن وظروف القبض والمحاكمات وادعاءات التعذيب. كما قامت اللجنة بزيارات ميدانية توثيقية ل «38» من المساجد، بالإضافة الى عدد آخر من المآتم وممتلكات ومرافق تابعة للأوقاف الجعفرية التي زُعم هدمها من جانب الحكومة، حيث استمعت إلى بعض الشهود والقائمين على إدارة تلك المساجد، في حين استقت بعض المعلومات من المقيمين والشهود لاستكمال إجراءات التوثيق. وأكد الدكتور محمود شريف بسيوني رئيس اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق أنه سيتم فور انتهاء أعمال اللجنة وتسليم تقريرها النهائي البدء في التخلص من النسخ الورقية من الإفادات والشكاوى حفاظاً على سرية هوية الأشخاص الذين تقدموا بهذه المعلومات، فيما سيتم الاحتفاظ بنسخة إلكترونية من المعلومات وغيرها من الأدلة المادية, وسيتم إيداع هذه النسخة لدى المحكمة الدائمة للتحكيم الدولي في لاهاي التي ستحتفظ بها في سرية تامة لعشرة أعوام.